[إعجاز القرآن المجيد من شرح الطحاوية (ماتع ومفيد)]
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[31 - 07 - 10, 09:58 م]ـ
الحمد لله وبعد ...................... ،
فهذا مختصر نفيس في عرض مسألة إعجاز القرآن المجيد استللتها من شرح الطحاوية للشيخ العلامة / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وأرجو من الله أن أكون قد وفقت في اختصارها وعرضها، وأسأله أن ينفع
بها إنه نعم المولي ونعم النصير ... ،
إعجاز القرآن (1)
المسألة الموسومة عند العلماء بمسألة إعجاز القرآن لاشك أنها مسألة مهمة لها صلة ببحث دلائل النبوة في التوحيد؛ لأن صلتها تارة بدلائل النبوة من جهة كون القرآن معجزا ودليلا على صحة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه منَزّل من عند الله، ومن جهة أخرى لها صلة بمبحث كلام الله جل وعلا وهو أنّ القرآن لا يشبه كلام البشر وأن كلام الله جل وعلا ليس ككلام البشر.
ولتقرير هذه المسألة وقد تكلّم فيها أنواع من الناس من جميع الفرق والمذاهب، نجعل البحث فيها في مسائل:
المسألة الأولى: أنّ لفظ الإعجاز لم يرد في الكتاب ولا في السنة، وإنما جاء في القرآن وفي السنة أنّ ما يُعطيه الله جل وعلا للأنبياء والرسل وما آتاه محمد عليه الصلاة والسلام هو آية وبرهان على نبوّته، فلفظ المعجزة لم يأتِ في الكتاب ولا في السنة وإنما هو لفظ حادث ولا بأس باستعماله إذا عُني به المعنى الصحيح، فالذي جاء في القرآن الآيات والبراهين؛ ولكن العلماء استعملوا لفظ الإعجاز لسبب، وهو أنّ القرآن تحدى الله جل وعلا به العرب أن يأتوا بمثله، أو أن يأتوا بعشر سور مثله أو أن يأتوا بسورة من مثله، فلما تحداهم ولم يأتوا بما تحداهم به، فدلّ ذلك على عجزهم، وذلك لأنّ القرآن معجز لهم فلم يأتوا بمثله، قال جل وعلا:
" قُلْ لَئِن اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا " [الإسراء:88]، وقال جل وعلا: "قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [هود:13 - 14].
إذا تبين ذلك فالتّحدي لما وقع وعجزوا، سمى العلماء فعلهم ذلك أو عجزهم سموه: بمسألة إعجاز القُرآن؛ لأجل التحدي وعجز الكفار أن يأتوا بمثله.
المسألة الثانية: أن كلام الله جل وعلا هو المعجز، ولا يُقال أن الله جل وعلا أعجز البشر عن الإتيان بمثل هذا القرآن؛ لأن هذا القول يتضمن أنهم قادرون لكن الله جل وعلا سلبهم القدرة على هذه المعارضة.
فالإعجاز والبرهان والآية والدليل في القرآن نفسه لأنه كلام الله جل وعلا، ولا يُقال إنّ الله جل وعلا أعجز الناس، أن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو صَرَفهم عن ذلك، كما هي أقوال يأتي بيانُها.
فتعبير أهل العلم في هذه المسألة أن القرآن آية، فآية محمد عليه الصلاة والسلام القرآن، آية نبوته وآية رسالته القرآن؛ بل إن محمدا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لما سمع كلام الله جل وعلا خاف فلما فَجَأَه الوحي وهو بغار حراء فأتاه جبريل فَقَالَ له: اقْرَأْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ» فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ». قَالَ ?اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ? [العلق:1 - 2] إلى آخر ما أنزل في أول ما نبئ النبي عليه الصلاة والسلام، فرجع بها عليه الصلاة والسلام يرجُف بها فؤاده؛ لأنّ هذا الكلام لا يشبه كلام أحد، ولم يتحمله عليه الصلاة والسلام لا في ألفاظه ولا في معانيه، ولا في صفة الوحي والتّنزيل، فما استطاع عليه الصلاة والسلام أن يتحمّل ذلك فرجع بهن -يعني بالآيات- يرجف بها فؤاده عليه الصلاة والسلام إلى آخر القصة.
إذا فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يتحمل هذا الذي جاءه، لأنه كلام الله جل وعلا، وأما كلام البشر فإنه يتحمل سماعه بدون كلفة.
وللمقال بقية ............
إعجاز القرآن (2)
المسألة الثالثة: أقوال الناس في إعجاز القرآن:
¥