تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[22 - 04 - 08, 12:55 م]ـ

الفائدة الرابعة:

قال ابن القيم في (عدة الصابرين) (1/ 25) في معرض كلام له على قوله تعالى (ولا تكن كصاحب الحوت) الآية.

(فإن قيل: فالسؤال بعد قائم فإنه إذا قيد المنهي بقيد أو زمن كان داخلاً في حيز النهي، فإن كان المعنى لا تكن مثل صاحب الحوت في هذه الحال أو هذا الوقت كان نهياً عن تلك الحالة؟ [أي وكيف ينهى عنها وهي حالة دعاء وتوبة واستكانة؟!. محمد.].

قيل: لما كان نداؤه مسبباً عن كونه صاحب الحوت فنهى أن يشبه؟؟ به في الحال التي أفضت به إلى صحبته الحوت والنداء، وهي ضعف العزيمة والصبرِ لحكمه تعالى، ولم يقل تعالى: ولا تكن كصاحب الحوت إذ ذهب مغاضباً فالتقمه الحوت فنادى؛ بل طوى القصة واختصرها وأحال بها على ذكرها في الموضع الآخر واكتفي بغايتها وما انتهت إليه).

الفائدة الخامسة:

من بلاغة التذييل:

قال السعدي في (القواعد الحسان):

(ومن ألطف مقامات الرجاء: أن يذكر أسباب الرحمة وأسباب العقوبة، ثم يختمها بما يدل على الرحمة؛ مثل قوله: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 129] وقوله: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:73]؛ فذلك يدل على أن رحمته سبقت غضبه وغلبته وصار لها الظهور، وإليها ينتهي كل من فيه أدنى سبب من أسباب الرحمة، ولهذا يخرج من النار من كان في قلبه أدنى حبة خردل من الإيمان).

إن الله تعالى حيث ذكر الصلاة في كتابه عبر عنها بالإقامة والمحافظة ونحوها من المعاني المنبهة على أن المطلوب في الصلاة ليس مطلق فعلها ومجرد الإتيان بهيئاتها، بل هو توفية حقوقها وشرائطها وامتلاء القلب بآثارها، ولم يعبر عنها بالصلاة إلا لسبب يقتضي ذلك من مثل أحد المعاني التالية:

الأول: أن تقيد بالإخلاص وإرادة وجه الله كقوله تعالى (فصل لربك) [الكوثر]، ولا سيما أن الأمر هنا للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد عُلم أنه سيقيمها ولا بد، فإنه لا يتصور أن تقع منه على غير هيئة الإقامة والإتقان والخشوع؛ وثم أمر ثالث وهو أن الأمر بالصلاة هنا واقع مقابل صلاة الكفار لأصنامهم، فهو أمر بمخالفتهم، أي هو أمر بمطلق الصلاة، والأمر بإقامتها معلوم من مواضع أخرى في القرآن.

الثاني: أن يقتضي المقام ذم القائمين بها لأنهم كانوا غافلين عنها غير ملتفتين إلى مراعاتها كقوله تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) [الماعون] وقوله تعالى (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) [الأنفال 8]

الثالث: أن يكون المقصود بيان كيفية من كيفيات الصلاة أو مسألة من المسائل المتعلقة بها؛ كما في آيات صلاة الخوف؛ قال تعالى (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك---) إلى قوله تعالى (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة---) [النساء 102 - 103].

ففي آيات هذه الصلاة لم تنسب الإقامة فيها إلا إلى الإمام، لأنه هو الذي يتمها دون المحاربين؛ الذين ينقسمون في أدائها إلى طائفتين؛ وأمرهم بإقامة الصلاة بعد الإطمئنان وذهاب الخوف وإدبار العدو.

ومما يلاحظ من طريقة التعبير القرآني عن الأمر بإقامة الصلاة أنه لم يرد أمر للمؤمنين بمطلق الصلاة كأن يقال: يا أيها الذين آمنوا صلوا؛ لأن فعل الصلاة حاصل من المؤمنين وإلا لم يكونوا مؤمنين، لأن تارك الصلاة ليس بمؤمن باتفاق العلماء.

وانظر فصلي (نظرات في ألفاظ القرآن) و (الكلمة مع أخواتها والعبارات مع رفيقاتها) من كتاب (المعجزة الكبرى: القرآن) لمحمد أبو زهرة (ص78 - 92).

الفائدة السادسة:

البلاغة في استعمال (الطلاق) أو (التسريح) دون غيرها، واستعمال (تنكح زوجاً) دون (يتزوجها رجل) أو نحو ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير