مَّيْسُوراً {28} وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً {29} إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ
إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً {30}.
3. وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ
خِطْئاً كَبِيراً {31}.
4. وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {32}.
5. وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً {33}.
6.وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ.
7.وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً {34}.
8. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {35}.
9. وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {36}.
10. وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ
الْجِبَالَ طُولاً {37} كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً {38}
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ
فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً {39}.
والوصايا العشر عند أهل الكتابيْن
هي الدستور السلوكي للمسلمين المؤمنين بالله في كل العصور.
فهي قواعد الهُدى الرَّباني التي إذا التزموا بها في مراحل الضَّعف
وفقْد السيادة كفتهم وجعلت منهم نماذج حِكْميةً سلوكية مُشرِّفةً تشُدُّ
اليهم أنظارَ الناس وتضطرُّهم إلى احترامهم واحترام فِكرهم لأن هذه
السلوكيات تنسجم مع الفطرة البشرية السّويّة التي فطر اللهُ الناس
عليها.
لذلك لا تجد قانونا على الأرض يُعاقب على أيٍّ منها، فهي إذَن الإطارُ
العام لدين الله، يصلح (أيْ الإطار) تطبيقه في أيِّ مكان وزمان
وواقع مهما كان كمقدِّمةٍ وتمهيد لتطبيق دين الحق المُفصّلِ حين يأذن
الله سبحانه بظهوره على الدين كلِّه في مجتمع يُؤمن فيه الحاكمون
والمحكومون بما أنزل الله قرءاناً ويتحمل الطرفان مسئولية عدم
الحُكم بما أنزل الله:" هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {9} " الصف.
فدين الحق معطوفٌ على الهُدى عطْفَ العامّ على الخاص. فئايات
الهُدى المكيةُ أسّست لدين الحق المُفصلِ في الآيات المدنية لتصبح
في النهاية كلُّها دينَ الحق، كما أنَّ أساس البناء جزءٌ مهم منه مع
أنه أول مراحله. ويستطيع الدارس إذا أجرى دراسة مقارنة بين
الوصايا العَشر عند كلٍ مِن الطائفتين أن يرى الفرق بين المجموعتين
مع كونهما قد أُخذا من المصدر نفسه، بسبب اختلاف العَصرين
وكونِ المجموعة الآخِرة منهما أُنزلت لتكون عالَمية دائمة لا يَنسخ
نصوصَها أيُّ نصٍّ بعدها ولا قَبْلَها " لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ " 64/ 10
ومن ذلك الوصيّةُ بالوالديْن.
فالقدْر المشترك هو قوله سبحانه " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا ".
فالإحسان يكون إلى كل مايمتُّ بصِلة إلى الوالدين
" بالوالديْن " وليس (إلى الوالديْن) فقط
لأن حرف الجرّ المتعلّق بالإحسان عادةً هو (إلى):
" وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ".
ولكن الوصية القرءانية فصّلت هذا الإحسان في (97) كلمة إضافية
(إما يبلغنّ ... بصيرا).فتكون هذه الوصية القرءانية المفصلةُ قد نَسخت
الوصية التوراتية بخيرٍ منها. وكذلك أكثرُ الوصايا القرءانية الأخرى.
أما آية اليتيم التوراتية فقد نُسِخت بمثلها بأن كُتِبت الآية القرءانية مِثلَها
" وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ".
ومن الأمثلة البينة على نسْخ الآيات القرءانية لآيات توراتية آية
القصاص عند أهل الكتاب التي نَسخت حُكمَها آيةُ القِصاص القرءاني:
" وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ
وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ
كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {45} ". المائدة
فالقِصاص المكتوب (المفروض المُوثَّق) على أهل الكتاب كان قصاصا في النفس والأعضاء كما ذكرته آية المائدة هذه.
أما القصاص المكتوب على الذين ءامنوا
فهو القصاص في القتلى فقط وهو حُكم وَسطي:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ {178} " البقرة.
" رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسينا أو أخْطَأنا "
للأمانة منقوووول ..
مفهوم النسْخ القرءاني: الوصايا العَشْرُ عند أهْل الكتابيْن ( http://www.awda-dawa.com/pages.php?ID=8367)