تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن إضافات ابن عربي ليست من هذا النوع .. بل من النوع المبني على التوتر وفرض علاقة مفتعلة بين عنصرين متباعدين في الوجود كأن يكون المضاف منتميا إلى العالم الحسي والمضاف إليه منتزعا من العالم الجواني ... فيتشكل من التركيب عالم ثالث لا يمكن تبينه .. ليس عند فاكي الترميز من القراء العاديين فقط بل حتى عند منشئي هذا الخطاب من الصوفيين أنفسهم .. فكثيرا ما يرددون أن كلامهم يؤخذ بالذوق وليس بالفهم .. وأنهم هم أنفسهم لا يدركون حقيقة ما يجري على ألسنتهم إلا في حالات خاصة تعتريهم ...

لماذا مقولة الإضافة بالضبط؟

لا شك أن السبب يرجع إلى طبيعة علاقة الإضافة .. فهي عند أهل اللغة من أضعف العلاقات اللغوية ومن ثم يكون في وسع الصوفي أن يضيف الكلمة إلى أي شيء شاء متذرعا بمقولة "الإضافة لأدنى مناسبة".

وأشير أخيرا إلى أن الإضافة قد تتجلى في لغة ابن عربي على شكل تقييدات وصفية أو نسبية أو ظرفية، فإضافة الشمس إلى الروح قد يعبر عنها تارة بالإضافة الصريحة:"شمس الروح" وتارة بالوصف "الشمس الروحانية " والمعنى في الحالتين واحد.

هذا نموذج من متن ابن عربي – من تفسيره لسورة الكهف- يوضح آليات التحريف بمقولة الإضافة حيث سيتحدث عن زكريا (الروح) وامرأة (النفس) وولد (القلب) وأخواتها كثيرات:

والتطبيق أن يقال: نادى زكريا الروح في مقام استعداد العقل الهيولاني نداء خفيّاً، واشتكى ضعفه، وتوسل بعنايته، واشتكى خوف موالي القوى النفسانية وعقر امرأة النفس بولد القلب {فهبْ لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب} العقل الفعّال {واجعله ربّ رضياً} موصوفاً بالكمالات المرضية {نُبَشّرك بغلام} القلب {اسمه يحيى} لحياته أبداً {ربّ اجعل لي آية} أتوصل بها إليه {آيتك ألا تُكَلم} ناس الحواس بالشواغل الحسيّة والمخالطة بالأمور الطبيعية {فأوحى إليهم أن سبّحوا} أي كونوا على عبادتكم المخصوصة بكل واحد منكم بالرياضة وترك الفضول دائماً.

{يا يحيى} القلب {خذ} كتاب العلم، المسمى بالعقل الفرقاني {وآتيناه الحكم} أي: الحكمة {صبيّاً} قريب العهد بالولادة المعنوية {وحناناً من لدنا} أي: رحمة بكمال تجليات الصفات {وزكاة} أي: تقدّساً وطهارة بالتجرّد {وكان تقيّاً} مجتنباً صفات النفس {وبرّاً بوالديه} الروح والنفس {وسلام عليه} أي: تنزّه وتقدّس عن ملابسة المواد {يوم وُلِدَ ويوم يموت} بالفناء في الوحدة {ويوم يُبْعث} بالبقاء بعد الفناء {حيّاً} بالله.

ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[17 - 05 - 08, 10:28 ص]ـ

تأصيل وتبسيط جيد لموضوع معقَّد، ولعل ما أشرت إليه هو ما يسميه الحداثيون (تفجير اللغة)

المزيد بارك الله فيك

ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 08:17 م]ـ

جزاكم الله خيرا =

استمتعت بقراءته وفهمه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير