تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فالجاهلية كما يصفها الله ويحدد قرآنه هي حكم البشر للبشر لأنها هي عبودية البشر للبشر والخروج من عبودية الله ورفض ألوهية الله والاعتراف في مقابل هذا الرفض بألوهية بعض البشر وبالعبودية لهم من دون الله).

ثم يقول - رحمه الله - أيضاً:

(إن الجاهلية ليست فترة من الزمان ولكنها وضع من الأوضاع هذا الوضع يوجد بالأمس، ويجد اليوم، ويوجد غداً، فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للإسلام، والمناقضة للإسلام ... فالعبودية لغير الله جرت أهل الجاهلية إلى كل الضلالات السابقة وتحكيم الأهواء والعادات والتقاليد) (17).

وهي بناء على ذلك تعني مفهوم الضلالات، والسفه، والطيش، وتحكيم العادات والتقاليد، بعيداً عن منهج الله في السياسة والاقتصاد والعقائد والحياة الاجتماعية، وتتلون بشعارات براقة كثيرة، قد تخدع وتسيطر على العقول عندما تضعف آصرة العقيدة، والتوحيد وتحكيم شرع الله.

وسنتابع هذا المفهوم، مفهوم الجاهلية في الشعر الجاهلي الذي يصور لنا حياة العرب قبل الإسلام في حروبهم وثاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعقائدهم وخرافاتهم، مما سنجمله في الفصول التالية بإذنه تعالى:

1 - الأول: الحياة السياسية أو الصراع القبلي.

2 - الثاني: الحياة الاجتماعية، وما فيها من عادات وتقاليد.

3 - الثالث: الحياة الدينية، وما فيها من عقائد وتصورات وخرافات.

4 - الرابع: الحياة الاقتصادية وأمور حياتهم ومعاشهم.

الفصل الأول

الحياة السياسية عند العرب

أو: الصراع القبلي

أ - لمحة موجزة عن حياة العرب قبل الإسلام:

إن العرب ينحدرون من أصلين كبيرين: قحطان وعدنان (18).

1 - عرب الجنوب:

وكان موطن قحطان باليمن ثم تشعبت قبائله وبطونه من سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان، وكان منهم قبيلة حمير ومنها قضاعة، ومنهم كهلان وأشهرهم طيء وهمدان وكندة ولخم والأزد، وأولاد جفنة ملوك صحراء الشام.

هاجرت هذه القبائل بعد انهيار مأرب عام (120ق. م) فسكنت الأزد المدينة، وكان منها الأوس والخزرج، ومنهم من نزل على ماء غسان في الشام وأسسوا إمارة الغساسنة والموالية للروم، أما لخم فقد سكنت الحيرة، واصطفتهم فارس إلى جوارها وبقي في اليمن كثير من قبائل حمير وكندة وغيرهم.

ويلاحظ أن قبائلهم المهاجرة اختارت غالباً جوار الأمم المتحضرة ويذكر المؤرخون أن عرب الجنوب كانت لهم قدم راسخة في عمارة القصور والهياكل وتشييد السدود وكانوا يؤلهون الكواكب والنجوم.

2 - عرب الشمال:

وكان موطن عدنان مكة المكرمة وما جاورها من أرض الحجاز وتهامة، وقد تشعبت بطون هذا الفرع من نزار بن معد بن عدنان من ولد إسماعيل - عليه السلام -.

ثم هاجرت بعض هذه البطون إلى مواطن الخصب والكلأ .. فنزلت ربيعة شرقاً، فأقامت عبد القيس في البحرين، وحذيفة في اليمامة، وأقامت سائر بكر بن وائل ما بين البحرين واليمامة، وعبرت تغلب الفرات فأقامت في أرض الجزيرة بين دجلة والفرات، وسكنت تميم في بادية البصرة.

وأما فرع مضر بن معد بن عدنان: فقد نزلت سُليم بالقرب من المدينة وأقامت ثقيف في الطائف، واستوطنت ساذر هوازن شرقي مكة المكرمة، وسكنت أسد شرقي تيماء إلى غربي الكوفة، وسكنت ذبيان بالقرب من تيماء إلى حوران (19).

وبقيت معيشة هذه القبائل صحراوية بدوية، ولم تهيء لهم هذه الحياة الاستقرار إلا في بعض الواحات في الحجاز .. ويظهر أن عرب الشمال لم ينجحوا في وحدة سياسية قبل الميلاد، فطبيعة بلادهم تدفعهم إلى التشتت والتفرق (20).

3 - القبائل العربية:

النظام القبلي:

وهكذا (استقرت القبائل العربية في الجزيرة وتجاور العدنانيون والقحطانيون، ولم يكن لهذه القبائل دولة تشمهم، ولا نظام موحد يسودهم بل كانت كل قبيلة تكون وحدة اجتماعية وسياسية مستقلة).

(وكانت هذه القبائل متشابهة في تكوينها ونظامها، فكل قبيلة تقوم على أساس اشتراك أبنائها في الأصل الواحد والموطن الواحد. والرباط الأقوى في القبيلة هو العصبية، والعصبية كما يعرفها ابن خلدون في مقدمته:» النصرة على ذوي القربى وأهل الأرحام أن ينالهم أو تصيبهم هلكة).

(وأفراد القبيلة متضامنون كلهم في المصائب والمسرات فقالوا: في الحرب تشترك العشيرة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير