تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله: "و عليه فلي رأي في أن الكلمة مولدة كانت بتخفيف الجيم أو بتشديدها، و أؤكد أن المتحدث عنه الفعل المتعدي باللام .... الخ ". فيه بناء باطل على باطل، و هو مشتمل على أخطاء:

الخطأ الأول ـــ أنه بنى كلامه على أنه مجتهد في اللغة العربية! ــــ وقد علمت بطلان هذه الدعوى بالبراهين القاطعة و الحجج الدامغة ــــ،و بنى على هذه الدعوى أن له حق التجديد، و لو في كلمة واحدة صدرت عنه فلتة على سبيل اللحن، فلم يجد سبيلا إلى التخلص من عار اللحن و وصمة الجهل بأبسط بسائط قواعد اللغة العربية إلا أن يدعي التوليد!

الخطأ الثاني: أنه جعل "ترجم" الرباعي مولدا إذا عدي باللام، و هذا خرق لإجماع علماء اللغة العربية؛ فإن كل من ذكره منهم إنما عده من اللغة العربية الفصحى، و بعضهم ــــ و هو الصولي في "أدب الكاتب" ــ جعله مما عربته العرب فصار من صميم لغتها , ولم يذكر أحد أنه مولد. و إلى كونه مما عربته العرب يشير صاحب "التاج": "وهل هو عربي أم معرب "درغمان "فيه خلاف نقله شيخنا ". اهـ.

و على أنه عربي أصلي فقيل التاء أصلية , وهو ما يقتضي تصرف صاحب "القاموس "حيث ذكره في فصل التاء , وكذلك صاحب "اللسان "حيث ذكره في التاء، وإن أعاده في الراء , ولم يقل أحد أن ترجم على وزن تفعلل إلا ما فهمه هذا "البعض "من كلام "المعجم الوسيط": "ترجم لفلان ذكر ترجمته ", وهذا الفهم لم يدر في خلد عضو من أعضاء "المجمع" و لا يمكن أن يكون كذلك.

و قول المعجم: "مو "؛ إنما أراد به تحويل الدلالة، أي: أن ترجم بمعنى ذكر السيرة إنما استعمله المولدون ولم تعرفه العرب.

و لم يقصد المعجم أن "ترجم للشخص "مولد إذا عدي باللام، و عربي فصيح إذا عدي بنفسه!

و تحويل الدلالة هو:" إعطاء الكلمة العربية معنى مختلفا عما كان العرب يعرفونه "، و هو أكثر أنواع التوليد استعمالا.

فمن ذلك كلمة "أدب "، معناها الأصلي: حسن الخلق، و فعل المكارم، ثم أطلقت على علوم العربية على سبيل التوليد لما بين ذلك من ملابسة و مناسبة.

و من ذلك "المقامة "معناها الأصلي: مكان القيام، ثم أطلقت على نوع من القصص المسجوع على سبيل التوليد.

و من ذلك "الفعل "و معناه الأصلي: مطلق الحدث، ثم أطلق على الحدث و الزمان على سبيل التوليد.

ومن ذلك كلمة "نظم" معناها الأصلي جمع اللؤلؤ في سلك , ثم أطلقت على نظم الكلام على سبيل التوليد. وهذا يعبر عنه بالاصطلاح في مقابلة الأصل , يعنون بالاصطلاح المعنى المولد , وبالأصل المعنى اللغوي.

الخطأ الثالث ــــ أنه إنما قدم ما قدم من كلام باطل ليبني عليه أن "ترجم" يصح قراءته بصيغة الخماسي، و لم يدر أن هذا النوع من التوليد لا يوجب تغيير البنية وإنما يوجب تغيير الدلالة. فاستعمال الترجمة في عنوان المسألة وسيرة الشخص لا يوجب تغير البنية.

ولو سلمنا جدلا أن هذا النوع من التوليد يوجب التغيير لبنية الكلمة لكان بقاؤها على "فعلل" أولى لعدة أوجه:

الأول ــــ كونها أخف , والعرب تختار الأخف.

الثاني ــــ كونها أكثر استعمالا في التوليد.

الثالث ــــ المعاني التي استعملت فيها "ترجم" مناسبة لفعلل لا لتفعل.

وذلك أن الترجمة تكون بمعنى التفسير , و بمعنى العنوان , و بمعنى السيرة , وكلهن فيه معنى الظهور , و "فعلل "هي التي تستعمل في معنى الظهور , لا تفعل , كما نص على ذلك في "معجم المقاييس ". و جاء في "فتح الأقفال": "السادس: إظهار الشيء كعسلجت الشجر، و برعمت، أظهرت عساليجها وبرعمها ".

و من الأدلة على أن الفعل على وزن "فعلل" لا "تفعل "، المصدر الذي هو الترجمة، و"الفعللة " قياسية في "فعلل "، و قد أجمع كل من تعرض لهذه المادة أن يذكر الترجمة لا الترجّم.

الخطأ الرابع ـــ فهمه التوليد من كون الفعل متعديا بالحرف، و بنى عليه جواز قراءته بصيغة "تفعل "، و الحق أن كون الفعل يعدى بنفسه تارة وبالحرف مرة أخرى، يعد تضمينا، و هو قياسي عند البصريين.

الخطأ الخامس ــــ أن "المعجم الوسيط" إنما ذكر التوليد في "ترجم للشخص "، و لم يتعرض لـ"ترجم للمسألة "، علما أن ترجم للشخص يدخل تحت الترجمة بمعنى السيرة، و ترجم للمسألة يدخل تحت الترجمة بمعنى العنوان، فلا يلزم من كون ترجم للشخص مولدا أن يكون ترجم للمسألة مولدا!!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير