تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يضحك الثكلى قوله:"ولي رأي آخر إن لم يتعين فهو أحسن من الأول؛ أن ترجم على وزن "تفعل "عربية لا مولدة , و توجيه هذا الرأي , أن باب الاجتهاد مفتوح كما نقلت لك , و عليه فيجب أن تحترم السماع , ولكنا لا نقف عليه جامدين إذا وجدنا ما يسوغ القياس , ألا ترى أن النحويين يقولون: أن من الكلام ما كان على: "فعل "فتكسيره على: "أفعل "، ككلب و أكلب ... "، قال: "و ليت شعري، هل قالوا هذا ليعرف وحده، أو ليعرف ليقاس عليه غيره، ألا تراك لو لم تسمع تكسير واحد من هذه الأمثلة بل سمعته منفردا! أكنت تحتشم من تكسيره على ما كسر عليه نظيره، قال: كذلك لو احتجت إلى تكسير عجر، من قولهم، و ظيف عجر، أي: صلب شديد، كنت تقيسه على يقظ أو أيقاظ، و إن لم تسمع أعجارا، و كذلك إن كان الماضي ... "اهـ

و فيه أمور:

الأمر الأول: قوله: "إن لم يتعين فهو أحسن من الأول "، يكاد ينادي بإبطال ما أتعب به نفسه!! و قارئ أوراقه، و ذلك أن الأول الذي دافع عنه ـــ و هو كون ترجم على فعلل أو تفعل مولدا!! كما سبق أن أبطلناه بالحجج الدامغة ــــ انقلب باطلا مرجوعا عنه، أو ضعيفا مرجوحا!! و بالتالي وقع في تناقض مكشوف، و ذلك أنه جعل في أول كلامه ترجم على وزن فعلل أو تفعل مولدا إذا عدي باللام، و فصيحا إذا لم يعد باللام، و في كلامه الأخير جعل ترجم على وزن تفعل عربية فصيحة سواء عدي باللام أو بغيرها!!.

الأمر الثاني: أنه بنى ذلك اللحن الفاحش على اجتهاده (المفتوح على مصراعيه!) ثم في نفس الكلام يقول: "إنه يجب احترام السماع ". أي معنى لهذا الكلام؟!. إن احترام السماع معناه أن الكلمة المسموعة من العرب لا يجوز تغييرها بدعوى الاجتهاد! إذا كان ذلك يؤدي إلى مخالفة كلام العرب! ثم هو أول من خالف هذا الكلام، و ناقضه بالكلمة المطروحة، و هي "ترجّم "حيث أن العرب لم تنطق إلا بترجم بوزن الرباعي، ثم خالفهم بدعوى الاجتهاد، فيجوز فيها ترجم بوزن الخماسي، فاعتبر! هكذا يكون الاجتهاد و إلا فلا!!

الأمر الثالث: أنه جعل ترجم بصيغة الخماسي، عربية بعدما جعلها مولدة! فاعجب.

و نظّر ذلك بجمع "فعل "على "أفعل"، و هذا مع ما فيه من خبط و خلط غير صحيح؛ لكذب إحدى مقدمتيه: و المقدمتان اللتان يتألف منهما القياس هما: ترجم بمعنى اتخاذ التراجم، و كل ما كان بمعنى الاتخاذ يجوز مجيئه على وزن تفعل، و الصغرى كاذبة قطعا؛ لأن قوله: "ترجم للشيء" اتخذ له ترجمة، كلام باطل، و من الصواب عاطل؛ لأن ترجمت للمسألة ليست كتبنيت زيدا، أي: اتخذه ابنا. و زاد الطين بلة، و الموضوع فسادا و علة، أنه جعل ترجم من باب تفعل الذي للتكلف، مثل: تشجع و تحلم، إذا تكلف الشجاعة و الحلم.

و بطلان ترجم التي على وزن تفعل للتكلف لا للاتخاذ أمر لا يختلف فيه اثنان، و لا يتناطح فيه كبشان، و ما بني عليه باطل أيضا.

الأمر الرابع: أنه جعل قياسه مقدما على السماع، و هذا من أكبر الأدلة أنه جاهل بضروريات النحو و الصرف التي منها أن السماع مقدم على القياس، و حيث سمع من العرب ترجم على وزن فعلل لم يبق مجال للاجتهاد؛ إذ الاجتهاد إنما يجوز في موضع لا نص فيه!!

الأمر الخامس: أنه خلط بين القواعد التعليمية و ما هو مركب من النظري والتعليمي، فإن القواعد التعليمية إنما يتوصل بها إلى تعلم كلام العرب و إلى الابتعاد من الخطأ، فإنه لا أحد ممن جاء بعد زمان العرب شافهته العرب و سمع ما تكلمت به.

فلم يسمع من العرب من جاء بعد زمانهم رفع الفاعل و نصب المفعول وجر المجرور بالحرف أو بالإضافة أو غير ذلك.

أما كون المادة الفلانية فيها معنى الاتخاذ فيجوز فيها التفعل فيحتاج إلى تحقيق كون ذلك المعنى في تلك المادة.

و كلمة ترجم التي هي مطروحة للبحث خير مثال؛ فإن ترجم للشيء ليس فيه معنى الاتخاذ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير