تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينقسم الإنشاء إلى قسمين طلبي وغير طلبي. فالطلبي هو الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمني، والترجي، والنداء. وغير الطلبي. القسم، والتعجب، وإنشاء المدح والذم نحو نعم وبئس. وإنشاء الوجدانيات كالتحسر والفرح والترحم. وصيغ العقود نحو أبيع وأشهد. والأجوبة الدالة على الامتثال كجواب النداء نحو لبيك وسمعا وطاعة. وصيغها وأدواتها وأحكامها مقررة في النحو. وإنما الذي يهم البليغ من أحوال الإنشاء مسائل:

الأولى- قد يأتي الإنشاء في صورة الخبر وهو ما يعبرون عنه بالخبر المستعمل في الإنشاء مثل استعماله في الدعاء في نحو ((رحمه الله)). وفي الطلب نحو قول الظمئان إني عطشان. والتحسر نحو قول جعفر بن علبة الحارثي

هواي مع الركب اليمانين مصعد

جنيب وجثماني بمكة موثق

والسؤال نحو ((رب لما أنزلت إلي من خير فقير)).

الثانية- يستعمل بعض صيغ الإنشاء في بعض فيجيء الأمر للتمني نحو قول امرئ القيس

ألا أيها الليل الطويل ألا انجل

بصبح وما الإصباح منك بأمثل

فقوله انجل تمن. وللتعجب نحو قوله تعالى ((انظر كيف ضربوا لك الأمثال)) ويجيء الاستفهام للنهي نحو ((اتخشوهم فالله أحق أن تخشوه)). وللأمر نحو ((فهل أنتم منتهون)). وللتعجب نحو ((وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام)).

ويجيء النداء للتعجب في باب الاستغاثة نحو قول امرئ القيس

فيا لك من ليل كأن نجومه

بكل مغار الفتل شدت بيذبل

(تنبيه) هذه الاستعمالات المذكورة في المسألتين من قبيل المجاز المركب المرسل. والعلاقة العامة في جميعها هي اللزوم ولو بعيدا. وقد تتطلب لبعض استعمالاته علاقات أخرى بحسب المواقع.

المسألة الثالثة- قد تستعمل صيغ الإنشاء في من حاله غير حال من يساق إليه ذلك الإنشاء كأمر المتلبس بفعل بأن يفعله نحو ((يا أيها الذين آمنوا)). وكنهي من لم يتصف بفعل عن أن يفعله نحو ((ولا تحسبن لله غافلا عما يعمل الظالمون)).

والقصد من ذلك طلب الدوام. فينزل المتصف منزلة غير المتصف تحريضا على الدوام على الاتصاف. وكنداء المقبل عليك نحو قولك للسامع يا هذا. ونداء من لا ينادى بتنزيله منزلة من ينادى نحو ((يا حسرة على العباد)) أي احضري فهذا موضعك. وهذه مجازات ظاهرة وتفريعها سهل.

هذا نهاية القول في الأبواب المختصة بذكر الأحكام البلاغية التي تعرض للمفردات في حال تركيبها. ومن الأحكام ما هو عارض للجمل المؤتلف منها الكلام البليغ تفريقا وجمعا وتطويلا واختصارا. وقد خص لذلك بابان: باب الوصل والفصل وباب الإيجاز والإطناب والمساواة. وها انذا شارع فيهما إكمالا لأبواب علم المعاني.

الوصل والفصل

الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه. وحق الجمل إذا ذكر بعضها بعد بعض أن تذكر بدون عطف لأن كل جملة كلام مستقل بالفائدة إلا أن أسلوب الكلام العربي غلب فيه أن يكون متصلا بعضه ببعض بمعمولية العوامل والأدوات أو بالإتباع أو بالعطف ([24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn24)) فلا تذكر جمل الكلام ولا كلماته تعدادا إلا في الواقع التي يقصد فيها التعداد نحو قوله ((فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة)) أو في حكاية المحاورات نحو ((قالوا سلاما قال سلام)) وقولنا سئل فلان أجاب ([25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn25)) أو إملاء الحسبان نحو واحد اثنان أو قصد إظهار انفصال الجمل واستقلالها كقوله تعالى ((إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون. يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون)).

أو في مواقع الفصل الآتية:

فعطف الجمل إما بالواو المقتضية لأصل التشريك في الحكم المتكلم فيه. وإما بحرف آخر يدل على معنى زائد على التشريك أو على ضد التشريك إذا وجد معنى ذلك الحرف نحو الفاء وحتى و أو وبل.

وهذا الأصل الذي أشرت إليه يعدل عنه لأحد أمرين: لمانع يمنع منه أو لشيء يغني عنه.

ثم شرط صحة العطف مطلقا في المفردات والجمل وبالواو وبغيرها وجود المناسبة التي تجمع الجملة المعطوفة والجملة المعطوفة عليها في تعقل العقول المنتظمة بحسب المتعارف ([26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=33#_ftn26)) عند المتكلمين بتلك اللغة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير