[8] ومن صور التعالم: ما ينطق به بعض طلاب العلم في بعض التصانيف الفقهية بقولهم: أفتى به الأصحاب، ويعني المذهب الفقيه المنتَسب إليه، وهذه العبارة في أي مذاهب من المذاهب المتبوعة لا يطلقها إلاّ من بلغ رتبة عليّة في الفقيه حتى (يصحب) بها أولئك القوم، وإلاّ فليقل: أفتى بها مشايخنا وأئمتنا، أو مشايخ المذهب وأئمته، ونحوه.
[9] ومن صور التعالم: - وقد سبق الإشارة إلى مثلها - عقوق الشيخ!، فقد ينشأ طالب العلم على يد شيخ أو طالب علمٍ متوسط، فيعلمه مبادئ العلوم، وأصول الدين، ثم تذهب الأيام والليالي، فيشب الطالب، ويقوى عوده، فيتجلى له قصور ذلك الشيخ المعلم، وربما جهله في بعض جوانب العلم، فيتعاظم عليه، ويتكبر، وربما يستهجنه، ويستثقل احترامه، وهذا من صميم عقوق المشايخ، ومقابلة الإحسان بالإساءة، ويكفي ذلك الشيخ فخراً أن هذا المسكين المتعالم كان في يومٍ من الأيام: منكسراً بين يديه يعلمه ويربيه، وكان الواجب عليه أن يتواضع له، ويكرمه، ويجله، ويظهر فضله أمام الناس، ويقول: اعلموا أن هذا الشيخ معلمي، وإذا دخل المجلس قام له بالترحيب والتبجيل، ويصدره في المجلس، كما يصنع الابن مع والده.
[10] من صور التعالم: حضور الممتحن، وجلوس المترصد، واللامبالاة! عندما يجلس عند من ذُكر بالفضل وهو لا يعرفه، فإن هذا يحرم بركة هذا الشيخ بنيل الفائدة منه.
ولو جلس عنده جلوس المستجدي، وحضور طالب الفائدة مع نظرة الإكبار والإجلال: لفُتح عليه من ذلك الباب العظيم، وهذا مجرّب أكيد: فقد ذكر لي مسنٌّ في بعض أحياء الرياض ممن أدرك سماحة الشيخ الإمام محمد بن إبراهيم - رحمه الله - وقرأ عليه، فزرته واستأذنته في قراءة مسموعاته على الشيخ محمد بن إبراهيم، فأذن لي، فلما بدأت في القراءة لم يظهر لي منه كبير فائدة، فراجعت نفسي، وقلت: شيخ مسنٌ سابق بالهجرة والإسلام، لازم مجالس الأئمة، لماذا لا أكثر من إجلاله واحترامه، فاستحضرت ذلك في قلبي، وألقيت بين يديه جسدي ولبّي، ونظرت إليه نظرة التلميذ المستجدي من شيخه، وأكثرت من قولي: (سم أحسن الله عملكم) (نعم بارك الله فيكم) (كيف حالكم شيخنا) (كيف أصبحت الله يرعاكم)، وقدمت له من خدمة الطالب لشيخه ما قدمت، فوالله لقد سجلت منه بعد ذلك من الدرر والفوائد ما لم أجدها عند غيره، وهو حي يرزق بارك الله في عمره.
[11] ومن صور التعالم: التبرئة المبطَّنة!!، فعندما يحضر (الطالب الناشئ) فيُثنى عليه بما ليس فيه، فيتكلم في تبرئة نفسه بأسلوب (أهل الورع) وكأن لسان حاله أقول هذا حتى يقول الناس: ما أجلّه يتواضع!!، بينما ربما تكون حقيقة حاله خلاف ذلك تماماً!!، إذ التواضع يكون عن أصل موجود من الخلق الحسن، فيكره إظهاره، وهذا لا وجود لهذا الخلق فيه أصلاً.
فوجب عليه أن لا يكتفي بمثل هذه التبرئة المبطنة!!، وإنما يغلظ النكير على صاحب الإطراء، ويقول للناس: والله لستُ كذلك، وأنا أعرف بنفسي من غيري، ولو ذكر بعض ما ينقصه من العلم لكان أتم، كما حصل في قصة حصين بن عبدالرحمن مع سعيد بن جبير عندما قال له: إنني لدغت البارحة، ثم قال: أما إني لم أكن في صلاة.
[12] ومن صور التعالم: التساهل في تقديم الرؤوس للتقبيل، بغض النظر عن أصل مشروعيته، بل ربما من البعض من يطأطئ رأسه لذلك.
[13] ومن صور التعالم: محبة الإلتفاف من حوله في المساجد، وخاصة في ساحات الحرم!!!، وكان من السلف من كان إذا جلس إليه أكثر من اثنين قام وتركهم.
[14] ومن صور التعالم: السير بين مجموعة من (طلابه!!) يكتنفونه يميناً وشمالاً ومن خلفه!!، وقد كره جماعة من السلف أن توطأ أعقابهم، وقالوا بأنها: ذلة للتابع فتنة للمتبوع.
[15] ومن صوره التعالم: قول طالب العلم المتصدر للتدريس: فلان من طلابي!!!، ويزيد الأمر قبحاً إذا قال: من طلابنا، أو من تلاميذنا!!، والأولى أن يقول: من إخواني، أو من جملة أصحابي، أو من المواظبين على حضور دروسي ونحو هذا؟!.
إخواني:
هذه خواطر وردت على البال، فرقمتها لكم ها هنا، فأسأل الله - تعالى -أن يكتب بها النفع للجميع، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شرور أنفسنا، وأن يعيذنا من الكبر، ومساوئ الأخلاق.
كتبه/ الشيخ الفاضل بدر بن علي بن طامي العتيبي حفظه الله تعالى.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[30 - 01 - 10, 09:46 ص]ـ
دعوت الأخ أبا مالك العوضي للنظر في هذا الموشح فرد قائلا حفظه الله:"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وبارك فيك
نظرت فيه فوجدته رائعا، إلا أن فيه أخطاء في الضبط يبدو أنها من سبق القلم، مثل (تِحناني) (تِسهادي) (تريث اطرق) (وهُو عني باختصار الطرق) (مسحِة) (إن رأيتم تعلِموا) (بُظر) (مِرتع) (بأثرها) (للمَشفق)
وكذلك قولك (كيف عيشي في سنوات الدخن) يبدو مكسورا."انتهى.
قلت: سأنزله مضبوطًا لاحقًا إن شاء الله تعالى.
¥