[هدية لطلبة جامعة الجزائر: الشيخ الدكتور عبد المجيد لعراس كما عرفته]
ـ[أمين يوسف الأحمدي]ــــــــ[26 - 10 - 09, 06:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمد الشاكرين، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
أهدي إلى إخواني اعضاء المنتدى وإلى طلبة جامعة الجزائر المركزية منهم خاصة ترجمة شيخنا العلامة فقيد العربية في ربوع الجزائر الحبيبة الأستاذ الدكتور عبد المجيد لعراس -أسبل الله عليه هاتن الرحمات وحشره في زمرة المجاهدين في سبيله، فقد كان-علم الله- مجاهدا يناضل عن اللغة العربية الشريفة في زمن كثر فيه المشغبون على الموروث الحضاري العربي الإسلامي ..
هذا والمعلومات المذكورة في هذه الترجمة ثلاثة أنواع:
النوع الأول ما سمعته من الشيخ رحمه الله شفاها
النوع الثاني ما حدثنيه الذين عرفوا الشيخ من قريب من اهل الثقة والديانة وشرطي في هؤلاء أن أسميهم
النوع الثالث معلومات مستقاة من الملف الإداري الأكاديمي للشيخ الذي احتفظ بنسخة منه
وأسأل الله أن يبارك فيما نقول وأن ينفع به وأن يغفر لشيخنا بما أسلف من صالح العمل إنه ولي ذلك والقادر عليه
هو الشيخ المفضال عبد المجيد بن عبد الرحمن بن محمد لعراس أبو عبد القاهر، ولد رحمه الله سنة 1942م ببني يني بمقاطعة الأربعاء ناث إيراثن بولاية تيزي وزو عاصمة بلاد القبائل بالمغرب الأوسط، ووالده الشيخ عبد الرحمن من أعيان شيوخ المنطقة وكان مشهورا بين الناس بالشيخ الحسن، حدثني عنه شيخنا رحمه الله أنه كان شديدا في النهي عن المنكر غير هياب لكلمة الحق، وكان ذلك أيام الاستعمار الفرنسي ودواعي الخوف إذاك قائمة. (وقد رأيت صورة له في بيت الشيخ، فرأيت شيخا وقورا وافر اللحية نحيف الجسم وهي صورة قديمة جدا) وحسبك من جلالة قدره بين الناس أن الشيخ الإمام العلامة فخر علماء الجزائر محمد الطاهر آيت علجت كان أيام الطلب يصحبه ويبالغ في توقيره حتى كان ينفض له نعليه ويصفهما له ليلبسهما عند خروجه من المسجد (وكذلك رأيت طلبة الشيخ الطاهر يتسابقون أيهم يصف للشيخ نعليه بعد الدرس، فسبحان من جعل التوقير سنة ماضية بين أهل العلم).
أخذ الشيخ الحسن ولده شيخنا رحمهما الله صغيرا إلى الديار المصرية، فبها نشأ الشيخ ودرس، وكان ربما حدثني بذكريات عطرة من زمن الطلب في المدارس المدنية بتلك الديار، وحفظ الشيخ القرآن صغيرا، وكان حفظه له عجبا، يدل على ذلك استحضاره العجيب للشواهد القرآنية في الدرس، ولم يكن ذلك من أجل حفظ المسائل بشواهدها بل ربما أجاب عن السؤال العارض والمسالة السانحة واحتج بالقرآن والحديث والأشعار والأخبار والمتون كالألفية وغيرها في اقتدار عجيب ورصف معجب، وقد أوتي الشيخ حافظة عز نظيرها فيمن عرفت، وبقيت ذاكرته قوية حاضرة مصونة إلى آخر أيامه وهو على فراش المرض رحمه الله.
(يتبع)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[26 - 10 - 09, 07:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أمين يوسف الأحمدي]ــــــــ[26 - 10 - 09, 08:49 م]ـ
القسم الثاني:
لم يحدثني شيخنا كثيرا عن أساتذته الأولين بمصر، إلا أنه كان يذكر احد أساتذته الأزاهرة في اللغة العربية، يقول: كان هذا الأستاذ متمكنا جدا من النحو وكان يكتب على اللوح ونحن ننقل ما يكتب حتى تكل أيدينا من طول الكتابة، حتى إذا تعب من الكتابة وظننا أنه سيريحنا اخذ الطباشير بالشمال واستمر في الكتابة!!، قال شيخنا: وكنت وأنا حدث ربما قرأت المسألة في الليل ثم أسأله عنها في الدرس أريد إحراجه فيجيبني ثم يقول لي (باللهجة المصرية): إنت عايز توقعني؟؟ أنا قرأت كل الكتب!!!، كان الشيخ رحمه الله يحدث بها ويضحك.
ولكن كان الشيخ يعظم شيخيه الكبيرين وهما عالمان جليلان من علماء مصر: الشيخ عبد العظيم الشناوي، والشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، وكان الشيخ رحمه الله أقرب إلى الشيخ الشناوي فكان يقول عنه: كان مني بمنزلة الوالد، وكان رحمه الله إذا تذكر شيخه يغوص في حالة عجيبة من الحنين ولا يفتأ يكرر: يا سلام .. الشيخ الشناوي؟؟ .. يا سلام ... وحدثني شيخنا أنه كان يزور الشيخ الشناوي في بيته بصفة منتظمة وكان بيته مفتوحا للطلبة، وهو الذي كان مشرفا عليه في بحث الماجستير، مما وثق أواصر الود والمحبة بينهما، وكان الشيخ يقول: كنت أهم أولا أن أسمي ولدي البكر عبد العظيم على اسم شيخنا رحمه الله ولكن الله قدر أمرا آخر.
وكان شيخنا يقول: كثير من الناس يظنونني أزهريا، وإنما أنا خريج كلية دار العلوم، وإن كانت الكثرة الكاثرة من أساتذتنا ازاهرة،
حصل شيخنا على شهادة الليسانس في اللغة العر برية وآدابها في الموسم الدراسي 1970 - 1971. ثم تحصل على شهادة الماجستير بكلية دار العلوم ونوقش العمل يوم 21/ 12/1974. وكانت الرسالة في أحكام المضاف والمضاف إليه، وههنا قصة فيها عبرة، وهي أن الإجراءات يومئذ بالكلية كانت تقضي بإجراء مقابلة شخصية مع الطالب، فاجتاز الشيخ المسابقة بتفوق إلا أن خلطا في الأوراق أدى إلى أن تقلب نتيجته ونتيجة الطالب الذي تلاه، وأسفر الأمر عن إعطاء الشيخ تقدير حسن، قال شيخنا: ولم أستطع تحمل الأمر وساءت بي الحال مع رفض اللجنة طلب تصحيح الوضع حتى انتهى بي الأمر إلى طبيب نفسي، ولم يجد الأمر نفعا، وانقطعت عن الشيخ الشناوي أياما، ثم زرته فلما رأى ما بي من شدة التأثر وعرف علة الأمر تبسم وقال لي: انظر إلى شهادة الدكتوراه التي عند رأسي أترى التقدير الموجود عليها؟؟ جيد!! مع أن الرسالة كانت ممتازة، ولا ذنب لي إلا أن أحد أعضاء لجنة المناقشة قال لي: أنا لم أفهم من رسالتك شيئا! قال الشيخ: فسري عني حين ذاك وعلمت أن الألقاب لا تصنع الرجال، أو كلاما هذا معناه.
(يتبع)
¥