تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ترجمة ُ الإمام الثعالبي ....

ـ[أبو الهمام البرقاوي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 02:48 م]ـ

(350 - 430 هـ)

ترجمة الثعالبي ..

اسمه:

هو عبد الملك بن محمد بن اسماعيل، أبو منصور الثعالبي النيسابوري ..

لقب بالثعالبي: لأنه كان فرَّاء يخيط جلود الثعالب ويعملها، وإذا عرفنا أنه كان يؤدِّب الصِّبيان في كُتَّاب استطعنا أن نقول جازمين أن عمل الجلود لم يكن صناعة يعيش بها، ويحيا لأجلها، بل كانت من العمال التي يعالجها المؤدِّبون في الكتاتيب وهم يقومون بالتأديب والتعليم، وما أشبه هذا الحال بحال مؤدبي الصِّبيان في مكاتب القرية المصرية في عهد مضى، وقد شدَّ كل منهم خيوط الصوف إلى رقبته والمغزل في يده.

وعاش الثعالبي بنيسابور، وكان هو ووالد الباخرزي صِنوَين لَصيقَي دار، وقريني جوار، تدور بينهما كتب الإخوانيات، ويتعارضان قصائد المجاوبات. ونشأ الباخرزي في حجر الثعالبي، وتأدب بأدبه، واهتدى بهديه، وكان له أبا ثانيا، يحدوه بعطفه، ويحنو عليه ويرأف به. ذكر تلك الصلة الباخرزي، ونقل عن الثعالبي فيما نقل عنه في كتابه "دمية القصر" أشعارا له رواها أبوه عنه إلا أنه لم يذكر لنا شيئا مما جرى بين الشيخين الصديقين.

وكان الثعالبي واعية كثير الحفظ، فعرف بحافظ نيسابور، وأوتي حظا من البيان بزَّ فيه أقرانه، فلقب بجاحظ زمانه، وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي، ثقة فيما يحدِّث، مكينا في علمه، ضليعا في فنه، فقصد إليه القاصدون، يضربون إليه آباط الإبل، بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل.

ونحن نقتطف هنا جُمَلا نعته بها أعلام الأدب وأصحاب التواليف السائرة.

قال ابن بسام:

"كان في وقته راعي تلعات العلم، وجامع أشتات النثر والنظم، رأس المؤلفين في زمانه، والمصنفين بحكم أقرانه، طلعت دواوينه في المشارق والمغارب، طلوع النجم في الغياهب، وتآليفه أشهر مواضع، وأبهر مطالع، وأكثر من أن يستوفيها حدٌّ أو وصف، أو يوفي حقوقها نظم أو رصف".

وقال الباخرزي:

"هو جاحظ نيسابور، وزبدة الأحقاب والدهور، لم تر العيون مثله، ولا أنكرت الأعيان فضله، وكيف ينكر وهو المزن يحمد بكل لسان، وكيف يستر وهو الشمس لا تخفى بكل مكان".

وقال الصفدي:

"كان يلقب بجاحظ زمانه، وتصانيفه الأدبية كثيرة إلى الغاية".

وقال ابن الأنباري في نزهة الألبا:

"وأما أبو منصور عبد الملك بن محمد بن اسماعيل الثعالبي فإنه كان أديبا فاضلا، فصيحا بليغا".

وقال الحصري في كتابه زهر الآداب:

"وأبو منصور هذا يعيش إلى وقتنا هذا، وهو فريد دهره، وقريع عصره، ونسيج وحده، وله مصنفات في العلم والأدب، نشهد له بأعلى الرتب".

وفيه يقول أبو الفتح علي بن محمد البستي:

قلبي رهَينٌ بنسابور عند أخٍ * ما مثله حين تَستَقري البلاد أخُ

له صحائف أخلاق مهذبةٍ * من الحِجا والعلا والظرف تُنتَسَخُ

وقال ابن قلاقِس يُطري كتابه "يتيمة الدهر" أشعارا منها:

كُتْبُ القَر يضِ لآلي * نُظِمَتْ على جِيدِ الوجودْ

فَضلُ اليتيمة بينها * فضل اليتيمة في العقودْ

ومنها:

أبيات أشعار اليتيمة * أبيات أفكار قديمةْ

ماتوا وعاشت بعدهم * فلذاك سميت اليتيمةْ

وكتب أبو يعقوب صاحب كتاب البلاغة واللغة، يقرظ كتاب "سحر البلاغة" للثعالبي:

سَحَرتَ الناس في تأليف "سحرك" * فجاء قلادةً في جيد دهركْ

وكم لك من معانٍ في معان * شواهد عند ما تعلو بقدركْ

وُقِيتَ نوائب الدنيا جميعاً * فأنت اليوم حافظ أهل عصركْ

ورثاه الحاكم أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد النيسابوري فقال:

كان أبو منصور الثعلبي * أبرع في الآداب من ثعلبِ

ليت الردى قدَّمني قبله * لكنه أروغ من ثعلبِ

يطعن من شاء من الناس [بالموت] كطعن الرمح بالثعلبِ

هذه طائفة من القول تدلك على مكانة الثعالبي عند المتقدمين، نجتزئ بها، ونقف عندها. ثم لعل في هذه الطُّرفة التي جرت بينه وبين سهل بن المرزبان ما يعطيك صورة عن الثعالبي شاعرا:

قال الثعالبي: قال لي سهل بن المرزبان يوما: إن من الشعراء من شَلْشَل، ومنهم من سَلْسَل، ومنهم من قَلْقَل، ومنهم من بَلْبَل {يريد بمن شلشل: الأعشى في قوله:

وقد أروح إلى الحانوت يتبعني * شاوٍ مِشَلٌ شَلولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ

وبمن سلسل: مسلم بن الوليد في قوله:

سُلَّتْ وسُلَّتْ ثم سُلَّ سَليلها * فأتى سَليلُ سَليلها مَسْلولا

وبمن قلقل: المتنبي في قوله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير