تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جَواباتُ أبي قُصيّ، فيصلٍ المنصورِ.

ـ[عبد الرحمن بن محمد السبيعي]ــــــــ[10 - 09 - 09, 03:55 ص]ـ

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ.

فقدْ كنتُ أقرأ ما يَكتُبُه كثيرٌ من أهلِ العربيّةِ في المُلتقياتِ العلميّةِ، وإنَ ممَا أعجبني وأفادَني، ماكنتُ أقرؤهُ للأستاذِ أبي قُصيٍ، فيصلِ بنِ عليٍ المنصورِ، صاحِبِ ملتقى أهلِ اللغةِ.

فأحبَبْتُ أن أنقلَ بعضاً من جواباتِهِ على سؤالاتٍ في العربيّةِ وعُلومِها، وسأقتَصِر ُ - بإذنِ اللهِ -

على ما فيهِ استدلالٌ وتأصيلٌ، دونَ ما كانَ جوباً مُختَصراً خالياً مِنهُما.

1. " التاريخ "، أم " التأريخ "؟

يقال: أرّخَه يؤرّخه تأريخًا، وتاريخًا [على قياسِ مذهبِ التخفيف]، وورَّخَه يورّخُه توريخًا. قلتُ: أراه أعجميًّا، لأمرينِ:

الأول: أنه ليس له من الاشتقاقِ ما يشهدُ له.

الثاني: أنهم ذكروا أن التاريخ قد أخذه العربُ من العجمِ. والعادةُ أنَّ أدواتِ الحضارةِ يتلقّفها الآخذُ باسمِها من أهلِها.

ولمّا كانَ أعجميًّا، استعملتْه العربُ بالواو، والهمز، لأن العربُ تتصرفُ في الكلمِ الأعجميّ كما لا تتصرفُ في غيرِه؛ من ذلك أنّ في (جبريلَ) ثلاثَ عشرةَ لغةً. ولكونِه أعجميًّا لم يكن مصيبًا من قالَ: إنَّ أحدَهما مبدَلٌ من الآخرِ. ثم إنّ كليهما متصرّفٌ؛ فكيفَ نعلمُ أن أحدَهما هو الأصلُ؟

أما الترجيحُ بينَهما، فإنْ أردتَّ العِلْمَ، فالأشهرُ تركُ الهمز " التاريخ "، لأنه غلبَ عليه. ربما لأنّ التاريخَ ذاعَ عن قريشٍ، وكانوا لا يهمزونَ، فتلقاه الناسُ عنهم بلسانِهم، كما ذاع لفظُ (النبي) مخفّفًا غيرَ مهموزٍ لهذه العلةِ في ما أرى؛ إذ الأرجح فيه أن يكون مشتقًّا من (ن ب أ)؛ فيكون (فعيلاً) بمعنى (مُفعِل)، أو (مُفعَل).

وإذا أردتَّ بهِ المصدرَ، فالأشهر الهمزُ: (التأريخ).

وإنما سمّوا العلمَ بالمصدر من بابِ المجاز المرسَلِ، الذي عَلاقتُه السببيةُ، لأن العلمَ هذا لا يكونُ إلا بالمصدرِ.

2. ما فرق ما بين " فكّر "، و " تفكّر "؟

(تفكَّرَ) مطاوعُ (فكَّرَه)؛ كأن أحدًا (فكَّره) أو هو (فكَّرَ) نفسَه؛ فـ (تفكَّرَ)، وإن كانَ لم يُسمَعْ (فكَّره)؛ غيرَ أن القياسَ يشهدُ له، كما قالوا: (علَّمَه فتعلَّم)، و (فهَّمه فتفهَّم). ومطاوعُ (فعَّلَ) يأتي كثيرًا للدلالةِ على العملِ المتكرر في مهلةٍ؛ قلتُ في كتابِ التصريفِ: (وإنما أفادَ هذه المعانيَ الأخرَ مع أنه فرعٌ عن المتعدي؛ والمتعدي لا يفيد شيئًا منها من قِبَل أن المطاوِع للفِعل ربما طاوعَ غيرَ متردّدٍ؛ وهذا في الأفعالِ اليسيرةِ، وربما طاوعَ بعد تكلُّفٍ؛ وهذا في الصفاتِ المحمودةِ؛ إذ لا تنالُ بيسرٍ، وربما طاوعَ شيئًا فشيئًا؛ وذلك في ما يمكنُ نَيلُه؛ ولكن بالتمهُّلِ، وطولِ المدةِ؛ كـ (تعلَّم). فإن أردتَّ في الأفعالِ التي تقتضي مهلةً، وفي الصفاتِ المحمودةِ الدلالةَ على قَبولِه الفِعلَ مباشرةً من غيرِ تكلُّفٍ ولا مُهْلةٍ جعلتَ مطاوعَه مجرَّدًا؛ تقولُ: (علَّمتُه فعلِم)، و (صبَّرته فصبَر). ولا ترتكب مثلَ هذا في الأفعالِ اليسيرةِ من قِبَل أنه لا يلتبس معناها) ا. هـ. أما (فكَّرَ) فدالٌّ على التكثيرِ. وقد تحصَّلَ لي بالاستقراءِ أن الفعلَ اللازمَ الدالَّ على تقلُّبٍ يكثُر بناؤه على (فعَّل)؛ نحو (طوَّف)، و (جوَّل)، و (حوَّم)، و (حلَّقَ)؛ وأنا أرى قياسَه. ومنه (فكَّر) لأن (التفكيرَ) تقليبُ المعنى في الذهنِ. وبما تقدَّمَ تعلمُ أن فرقَ ما بينهما أن (فكَّر) تفيدُ التكثيرَ فقطْ؛ بل التكثيرُ فيهِ ليسَ بظاهرٍ، لدلالةِ المعنى عليهِ باللزومِ؛ إذ لا ينفكُّ عنه غالبًا، كما لا ينفكّ الشيءُ في الطوافِ من التكثيرِ؛ فكأنَّ بناءَه على (فعَّلَ) لاقتضاءِ المعنى الأصليّ؛ وليسَ بزائدٍ عليهِ. أما (تفكَّر) فتفيدُ التكرارَ الناشئ عن باعثٍ عليهِ، مع تمهُّلٍ؛ فهو أبلغُ، وأوفقُ لمعنى (النظرِ الصحيحِ المطلوبِ)؛ ولذلك لم يجئ في القرآنِ إلا هو؛ قالَ تعالى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif أولم يتفكروا في أنفسهم http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif ، وقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير