تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الناس و لم يتخلف عن بيعته.

و الشاهد السادس هو أنه لا يوجد أي مبرر شرعي يؤيد الزعم بأن عليا امتنع عن بيعة أبي بكر أو تأخر عنها ستة أشهر، لأن القرآن الكريم قد حسم أمر الخلافة، فقد جعلها شورى بين المسلمين،و رسول الله –عليه الصلاة و السلام- تُوفي و لم يوص لأحد من بعده وصاية أمر و إلزام، كما أنه قد صح الخبر أن علي بن أبي طالب، كان يقول: خير الناس بعد الرسول-صلى الله عليه و سلم- أبو يكر و عمر.و قال: إن النبي –عليه الصلاة و السلام- لم يعهد لنا في الإمارة شيئا. فهل يصح بعد هذا أن يُقال أن عليا امتنع من بيعة أبي بكر، أو تأخر عنها 6 أشهر؟.

و الشاهد السابع هما خبران لا إسناد لها، أذكرهما كدليلين ضعيفين مساعدين يتقويان بالشواهد السابقة و يندرجان فيها، أولهما أنه عندما ارتدت العرب –علي إثر وفاة رسول الله- و أرسل أبو بكر جيش أسامة إلى شمال الجزيرة العربية،و قلّ الجند بالمدينة المنورة، و طمع فيها كثير من الأعراب و راموا الهجوم عليها، عين أبو بكر على مداخل المدينة حراسا يبيتون بالعساكر لحمايتها، فكان من بين الذين عينهم حراسا: علي بن أبي طالب،و الزبير بن العوام،و طلحة بن عبيد الله،و سعد بن أبي وقاص، و عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنهم-، فهل يُعقل أن يكون علي و الزبير من بين قادة أبي بكر المُعينين،و هما لم يُبايعانه و لا يعترفان بشرعية خلافته؟ ‍. أفلا يدل وجودهما من بين حراس أبي بكر، على أنهما بايعاه و كانا في خدمته،و أنه كان يثق فيهما،و أنهم كلهم كانوا اخوة متحابين متعاونين.

و الخبر الثاني هو أنه رُوي أن أبا بكر الصديق لما ارتد العرب و طلبوا منه إعفائهم من دفع الزكاة،و رفض مطلبهم، أستشار كبار الصحابة في أمر هؤلاء، فكان منهم: عمر بن الخطاب،و علي بن أبي طالب،و طلحة بن عبيد الله،و الزبير بن العوام – رضي الله عنهم – فقالوا له: نعم نقبل منهم ذلك. لكنه عارضهم و أصر على قتالهم و رفض طلبهم. هذه الحادثة كانت مباشرة بعد وفاة النبي-عليه الصلاة و السلام- و مبايعة أبي بكر، فلو كان علي و الزبير مخاصميّن له و رافضين لخلافته، لاعتزلاه و ما كانا من بين مستشاريه.

و بذلك يتبيّن لنا من تلك الشواهد أن عليا لم يتخلّف عن بيعة أبي بكر و لم يكن رافضا لخلافته، و إنما كان من المعترفين بخلافته و من محبيه و مستشاريه،و من كبار رجال دولته.

و أما رواية البخاري و مسلم – الرواية الرابعة من المجموعة الرابعة- التي نصّت على أن عليا تخلّف عن بيعة أبي بكر، و لم يُبايعه إلا بعد ستة أشهر- على إثر وفاة زوجته فاطمة – فهي رواية لا تناقض ما قلناه إذا ما أزلنا ما فيها من إشكال و التباس و غموض.

أولا إن في هذه الرواية إدراجا لكلام الشهاب الزهري –أحد رواة الخبر- في متن الرواية دون إشارة لذلك،فأصبح كلامه جزءا منها؛ و الدليل على ذلك أن الرواية نفسها رواها الطبري في تاريخه و أبو عوانة في مسنده،و عبد الرزاق الصنعاني في مصنّفه، و ذكروا أن الزهري-أثناء روايته للخبر- سأله رجل: هل علي لم يُبايع أبا بكر إلا بعد 6 أشهر؟، فقال له: نعم و لا أحد من بني هاشم بايعه، حتى بايعه علي. فهذه الزيادة المقحمة في الخبر ليس لها إسناد،و لا يٌعد الإسناد الأصلي إسنادا لها؛ و مما يُؤكد ذلك أن الرواية نفسها رواها أحمد بن حنبل دون أن يذكر تلك الزيادة المقحمة. و ضعّفها الحافظ أبو بكر البيهقي،و قال أنها زيادة لم يُسندها الشهاب الزهري. فهي إذا رواية مرسلة،و من المعروف عند المحدثين أن الشهاب الزهري كان كثير الإرسال،و أن مراسيله كالريح ليست بشيء.

و ثانيا أننا إذا حذفنا من رواية البخاري و مسلم الزيادة المُقحمة- أي المدرجة- تصبح تشير بوضوح إلى أن سبب الخلاف بين علي و أبي بكر –رضي الله عنهما- ليس هو الخلافة و البيعة،و إنما هو قضية الميراث، لذا قال أبو بكر لعلي: ((… و أما الذي شجر بيني و بينكم من هذه الأموال، فلم آل فيها عن الخير،و لم أترك أمرا رأيتُ رسول الله –صلى الله عليه و سلم- يصنعه فيها إلا صنعته)). لكنها-أي الرواية بلا زيادة- أشارت إلى أن عليا بايع أبا بكر في المسجد، فما تفسير ذلك؟ أجاب عن ذلك الحافظ ابن كثير، فذكر أن عليا بايع أبا بكر مرتين، و أن بعض الرواة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير