لم يفهموا ذلك و اعتقدوا أن ((عليا لم يُبايع قبلها –أي بالبيعة الأولي- فنفى ذلك، و المُثبت مُقدم على النافي، كما تقدم و لما تقرر))، ثم أكد أن عليا بايع أبا بكر في أول يوم أو في الثاني من وفاة رسول الله –عليه الصلاة و السلام- لأنة-أي علي- لم يٌفارقه في وقت من الأوقات،و لم ينقطع في الصلوات خلفه،و خرج معه إلى ذي القصة لمحاربة المرتدين، لكن بسبب الميراث و غضب فاطمة من أبي بكر، راعى علي خاطرها بعض الشيء، فلما تُوفيت بعد 6 أشهر من وفاة رسول الله –عليه الصلاة و السلام- رأى –أي علي – أن يجدد البيعة لأبي بكر كما هو وارد في الصحيحين.
و ثالثا أن مما يٌؤيد ما قاله ابن كثير أن الحافظ ابن حجر العسقلاني وافقه فيما قاله عن بيعة علي لأبي بكر.و أنه سبق و أن أوردنا طائفة من الشواهد التاريخية الصحيحة التي نصت على أن علي بن أبي طالب بايع أبا بكر منذ الأيام الأولى من بيعة السقيفة و لم يتخلف عن بيعته طويلا، ثم بعد هذه البيعة جدد له البيعة ثانية بعد 6 أشهر.
و بذلك يتبين – مما سبق ذكره- أن عليا-رضي الله عنه- لم يكن يعتقد أنه هو الخليفة الشرعي بعد رسول الله،و لم يكن رافضا لخلافة أبي بكر الصديق، و قد بايعه طواعية من دون إكراه منذ البيعة العامة، و أن التباطؤ الذي ظهر منه و من الزبير بن العوام سببه الغضب عندما فاتتهم المشورة يوم السقيفة.
نشر المقال في مجلة الباحث، العدد الأول، سنة 2009 و مجلة محكمة، تصدر عن المدرسة العليا للأساتذة.
الهوامش:
اليعقوبي:تاريخ اليعقوبي،بيروت، دار صادر، دت، ج2 ص: 124.
نفس المصدر، ج2 ص: 125، 126
المسعودي: مروج الذهب و جواهر المعدن، الجزائر، دار موفم للنشر، ج 2 ص: 355.
ط الجزائر، دار موفم، 1989 ج1، ص: 18، 19.
ج1 ص: 20 و ما بعدها.
تاريخ الطبري، ط1 بيروت، دار الكتب العلمية 1407 ج2 ص: 233 - 234.
تاريخ الطبري، ج 2 ص: 233.
نفس المصدر، ج 2 ص: 578.
نفس المصدر، ج2 ص: 236.
عبد الله بن أحمد: السنة،ط1، الدمام، دار ابن القيم، 1406 ج2 ص: 554. الحاكم: المستدرك،بيروت، المكتبة العلمية 1990 ج 3 ص: 80.و البيهقي: السنن الكبرى، مكة، دار الباز، 1994 ج 8 ص: 183.و ابن كثير: البداية، بيروت، مكتبة المعارف، دت،ج 5 ص: 261. الذهبي: الخلفاء الراشدون،ط1 بيروت، دار الجيل، 1992 ص: 6. السيوطي: تاريخ الخلفاء، ط1 مصر، مطبعة السعادة، 1952 ص: 69
تاريخ الطبري، ج 2 ص: 235.
تاريخ اليعقوبي، ج2 ص: 126.
مروج الذهب، ج 2 ص: 126.
الإمامة و السياسة، ج1 ص: 19 - 25.
انظر: البخاري: الصحيح، حققه ديب البغا، ط2، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1987 ج4 ص: 1549.و مسلم: الصحيح، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د ت، ج3 ص: 1380.
انظر: تاريخ اليعقوبي، ج2 ص: 124.
انظر: محمود الطحان: تيسير مصطلح الحديث، الجزائر، دار رحاب د ت، ص: 33.
انظر: قوله تعالى ((و أمرهم شورى بينهم))،و ((أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم))، فأولي الأمر من المسلمين مطلقا دون تخصيص.و أنظر أيضا: ابن كثير: البداية، ج 5 ص: 263. و البخاري: المصدر السابق، ج 1 ص: 53، 1110، 1157.و السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص: 6، 7.
انظر: ابن حبان: صحيح ابن حبان، حققه شعيب الأرناؤوط، بيروت مؤسسة الرسالة، ج 2 ص: 145 و ما بعدهما. و البخاري: الصحيح، كتاب الحدود، باب: رجم الحبلى في الزنا.و أحمد بن حنبل: المسند، مصر مؤسسة قرطبة، د ت مسند العشرة المبشرين بالجنة.
انظر: مروج الذهب، ج2 ص: 355.
سبقت الإشارة إلى بعضها، و أنظر أيضا: عبد الله بن أحمد بن حنبل: السنة، ص: 216 و ما بعدها. و ابن كثير: البداية، ج 5 ص: 264. أحمد بن حنبل: المصدر السابق، ج 1 ص: 114.
انظر: ابن حبان: المصدر السابق، ج2 ص: 145.و البخاري: المصدر السابق، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى في الزنا.
انظر: الإمامة و السياسة، ج1 ص: 8، 17.
انظر: ابن أبي حاتم: الجرح و التعديل، ج6 ص: 252. و العقيلي: الضعفاء، ط1 بيروت، مؤسسة الرسالة 1404ج 2 ص: 273.و الذهبي: المغني في الضعفاء،حققه نور الدين عتر،د م، د ن، دت ج1 ص: 345.
سنذكر روايات أخرى عن ذلك قريبا.
¥