تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقرأ في لسان العرب لابن منظور " القدوس هو الطاهر المنزه عن العيوب، وقد تفتح القاف، وقدس هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة، وقدس بفتح القاف والدال – موضع بالشام من فتوح شر حبيل بن حسنة، والتقديس: التطهير والتبريك، وتقدس تطهر، ونقدس لك: نطهر أنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه، أي نطهر، ومن هذا قيل للسطل القدس، لأنه يتقدس منه، أي يتطهر، والقدس: السطل بلغة أهل الحجاز لأنه يتطهر فيه، والقدس: البركة" وعلى هذا القدس "بركة الماء"، الماء الذي يستخدم للطهارة، ولقد كان من أهم ما اتسمت به مدينة القدس القديمة في العصور القديمة والوسيطة البرك التي كانت تجمع فيها مياه الأمطار، حتى ساد اعتقاد لدى المسيحيين أن مياه بركة (20) الضأن، وكانت من أكبر برك المدينة، كان ملاك يحرك مياهها، وعند تحركها أول من يغطس بها يشفى من كل داء.

وذكر هيرودوت (483 ـ 425 ق. م) في تاريخه القدس تحت اسم كاديتيس وأوضح أنها كانت بلدة سورية كبيرة على مقربة من مجدولوس الذي هو مرج ابن عامر، أو بالأحرى تل المتسلم ويوحي كلام هيرودوت أنها كانت تعرف بهذا الاسم من القديم (21) وإنها مدينة فلسطينية ذلك أن الجزء الجنوبي من السورية الممتد جنوباً إلى مصر كله يعرف باسم فلسطين4وكان هيرودوت حين تحدث على التقسيمات الإدارية للإمبراطورية الإخمينية مع تبيان كميات الضرائب التي كانت تدفعها كل مقاطعة بهذه الإمبراطورية بين أن المنطقة العربية التي ضمت سيناء مع سورية الداخلية كانت معفاة من الجزية وأن المنطقة الساحلية التي امتدت من السويدية حتى مصر شكلت مقاطعة إدارية ضمت كل فينيقية وذلك الجزء من سورية الذي يعرف باسم فلسطين وقبرص (5) وفي هذا ما يؤكد أنه في المائة الخامسة قبل الميلاد لم تكن مقاطعة اليهود قد ظهرت إلى الوجود.

ونقف مجدداً مع العرض التوارتي للأحداث وقد ذهب هذا العرض إلى أن القدس قد تأسست حوالي عام 3500 قبل الميلاد وأن سكانها المؤسسين لها كانوا العرب اليبوسيين وأن ملكي صادق كان أول ملوك هذه المدينة وهو سام بن نوح، وقد زاره ابراهيم الخليل عليه السلام، فباركه أي استخلفه واستخلف ابراهيم فيما بعد ابنه اسحاق وجاء من بعد اسحاق ابنه يعقوب الذي دخل مع أولاده إلى مصر الإقليم اثر مجاعة، ولأن ابنه يوسف كان عزيز مصر وبعد ردح من الزمن تكاثر عدد أبناء يعقوب الذي صار اسمه الآن إسرائيل، ونتيجة لظلم المصريين هاجر بنو إسرائيل من مصر بقيادة النبي موسى عليه السلام وإنهم قطعوا البحر إلى شبه جزيرة سيناء حيث تاهوا فيها لمدة أربعين سنة ثم دخلوا فلسطين بعد وفاة موسى عليه السلام بقيادة يوشع بن نون وهدموا أريحا وقتلوا أهل فلسطين حتى تمكن داود في حوالي سنة 1000 قبل الميلاد من الاستيلاء على القدس وصارت مدينة داود وبعد داود حكم ابنه سليمان الذي بنى في القدس الهيكل الأول وبعد سليمان انقسمت المملكة إلى قسمين مملكة إسرائيل في الشمال وهي الأكبر ومملكة يهوذا في الجنوب وأن حرباً قاسية نشبت بين مملكتين وأن هذا أدى إلى انفصال جماعة السامرة وفي الوقت نفسه تعرضت فلسطين لحملات مصرية وأخرى أكادية ثم آشورية وبعد ذلك كلدانية وكان آخرها حملة بنو خدنصر الذي استولى على القدس وسبى سكانها وشتتهم حتى جاء العصر الأخميني.

وهذا العرض، وأن كان يبعث ـ في أيامنا ـ السرور ـ في بدايتة ـ بالنفس، هو ملفق ولا صحة له، يتعارض تماما مع معطيات الآثار، كما أنه لا يتوافق مع ما ورد في القرآن الكريم، وهو قد بعث السرور في البداية على أساس أن العرب اليبوسيين هم الذين أسسوا المدينة، وهنا نرى أن يبوس سمه للمكان، وأن هذه السمة من المفترض قد منحت اسمها لسكانها، وأما الحديث عن ملكي صادق وإبراهيم الخليل فأسطوري كامل، اخترعه كتاب العهد القديم للقول بأن ملكي صادق قد عهد إلى إبراهيم، وأن إبراهيم قد أورث شرعيته إلى ابنه اسحق وهكذا إلي يعقوب فالأسباط، وهذا أمر لا يمكن إثباته عن طريق الآثار، يضاف إلي هذا أن القرآن الكريم لم يذكر ملكي صادق، ولم يذكر أن إبراهيم الخليل قد قام بأية حروب، ثم إن الاتصالات بين العراق والحجاز ـ إذا قبلنا برواية أن إبراهيم كان أصلأً من العراق ـ لم تكن قط تتم عبر فلسطين، بل مباشرة، وأن إسماعيل كان هو الابن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير