تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنا لا أعرف قرية في أعلى وادي بيشة بهذا الاسم بصرف النظر عن الخطأ الفاضح في الربط بين الإسمين.

واسم عدنة يطلق على قريتين إحداهما من قرى شِمْران في وادي العرضية الشمالية بمنطقة القنفذة، والأخرى من قرى العصمان في وادي إضم بمنطقة الليث.

ومن قرى منطقة بيشة قرية العدنة – بالتعريف – وهذه من قرى تَبَالة في أسفل وادي بيشة غرب قاعدة الوادي.

14 - واتخذ الباحث من التشابه الحرفي بين كلمتي (تيهوم) و (تهامة) إلى ما دفعه إلى أن يجزم بأن المقصود بالكلمة الأولى هي المنطقة المعروفة باسم تهامة.

وما أوسع هذا الباب لو أردنا الدخول منه، لحكمنا بأن آلاف الكلمات الأعجمية وما هو أكثر من آلاف، هي كلمات عربية متى أغفلنا ما يوضح الكلمة المراد فهمها وإيضاحها من قرائن، أو أردنا صرف فحوى تلك القرائن إلى ما نهواه ونريده بطريق التعنت وتحميل الألفاظ من المعاني ما لا تحتمل.

ومن الممكن أن تُعْزَى جُلُّ أوهام الدكتور الصليبي إلى أمر واحد أشارت إليه جريدة ((صنداي تايمز)) اللندنية في مقال نشرته عن كتابه بتاريخ 12/ 8/1984م بما تعريبه: (لا يزال العديد من المدن والقرى تحمل أسماء تعود إلى قديم الأزل) وهذا ما توهمه الدكتور الصليبي حين قال فيما نقلته عنه تلك الجريدة: (كنت أبحث عن أسماء الأماكن ذات الأصل غير العربي في غربي شبه الجزيرة، وإذ الدليل أن أرض التوراة كلها كانت هناك يفاجئني، فتقريباً جميع أسماء أماكن التوراة كانت مركزة في منطقة طولها ست مئة كيل وعرضها مِئَتَا كيل).

من هنا وقع في الخطأ حيث ظن أن أسماء تلك الأماكن موغلة في القدم، وأنها من غير أصل عربي، ومن ثَمَّ راح يحملها من المعاني ما لا تحتمل ويصرفها عما وضعت له في الأصل، ويخلط بين أسماء القرى وأسماء السكان.

إنه لم يدرك أن أكثر المدن والقرى تحمل أسماء حديثة وأن كثيراً من المواضع عُمِرت وأنشئت في أزمنة متأخرة، وليس الأمر كذلك بالنسبة لكثير من الأقطار الأخرى كالشام (سورية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن) ومصر وغيرهما، إذ تلك الأقطار غالب سكانها من الحضر المستقرين الثابتين فيها، على توالي العصور، فتبقى أسماء المدن والقرى ثابتةً، بخلاف سكان الجزيرة الذين أكثرهم عرضة للتنقل والارتحال من منطقة إلى أخرى، فينشأ عن ذلك إحداث أسماء جديدة للمواضع والمياه والقرى وتُجْهل أسماؤها القديمة.

على أيِّ أساس بنى آراءه؟

لم يُعَرَّب بعْدُ كتاب الصليبي الذي دعاه ((عسير أرض التوراة الحقيقية)) ASIR: TRUE LAND OF THE BIBLE، لكي تقتبس منه النصوص التي توضح تلك الآراء، وما تقدمت الإشارة إليه منها، هو مما أوردته الصحف التي نقلت تلك الآراء عن أحاديث للمؤلف نفسه، أو عن مسودة كتابه التي انتشرت منها نسخ مصورة قبل طبعه.

وقد أمدني أخي الأستاذ الجليل الدكتور عبدالله الناصر الوهيبي بنسخة منها عربت لي المقدمة التي توضح منهجه في بحثه ودراسته.

وقد اتضح لي من تلك المقدمة أن جميع أفكاره تقوم على (دليل لغوي في الدرجة الأولى يتعلق بتحليل أسماء الأماكن) – وهذه ترجمة لكلامه –.

أما هذه الأسماء فهي نوعان: أحدهما ما استقاه من النص العبري للتوراة مما مكث تتلاقفه الألسن أحقاباً طويلة حتى بلغ من التحريف درجة تحمل كل باحث يحترم نفسه من عدم الثقة بصحته، فضلاً عن التعويل عليه في استخلاص ما سماه الدكتور الصليبي حقائق لا نظريات.

والنوع الثاني: أسماء حديثة لم يفهم الباحث كثيراً من مدلولاتها، ولم يدرك أنها – لِحداثة عهدها – لا يصح أن تتخذ أساساً للمقارنة بأسماء موغلة في القدم مع تحريفها، بمجرد اتفاق بعض الحروف أو التقارب في النطق.

ثم إنه يقيم تلك المقارنة على فهمه هو وحده لمعاني تلك الأسماء بدون رجوع إلى الآراء التي لا تتفق مع هذا الفهم فيقول ما تعريبه:

"اخترت أن أكتب بأسلوب يعتبره العلماء غير مألوف، إذْ لم أشر إلاَّ نادراً للتراث الضخم الموجود عن جغرافية التوراة".

لأنه يعتقد بخطأ كل ما كتب في هذا الموضوع وأن (اكتشافاته) تكفي للإقناع!! – كما يعبِّر –.

وعندما يورد أسماء مصادر دراسته يذكر:

1 - التوراة باللغة العبرية.

2 - المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية الذي ألفته، وهو يقصد المختصر (كتالوج).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير