تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يعني أن هذا الوجود الإسلامي بقي متواصلا ولم يمح، وأنا – والحمد لله – وفقني الله، لأنني بالنسبة للمنطقة شمال البرازيل وغينيا، والتي كانت تابعة للدولة المرابطية، والتي فيها دولتان مستقلتان من غير البرازيل، وهما: سورينام وغويانا، غوينا كانت إنجليزية، وسورينام كانت هولندية، وغويانا الفرنسية ما زالت إلى الآن مستعمرة فرنسية، أدخلت إلى منظمة المؤتمر الإسلامي اثنين منهما، وترينيداد في الطريق، حيث أقنعتهم بالانضمام إلى تلك المنظمة، فسورينام ليس فيها سوى خمسة وثلاثين في المائة من المسلمين، وغويانا أدخلتها كذلك عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وهناك احتمال دخول ثلاث أو أربع دول أخرى من تلك المنطقة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي.

أحبت هذه المنطقة الإسلام، وصدر كتاب في غويانا كنت اطلعت عليه، اسمه: "الجذور العميقة" " Deep Roots"، وهو يتحدث عن وجود الأفارقة في أميركا قبل كريستوف كولومب، والذي أحب التنويه به: أن هذا الأمر هناك أناس كثر متحمسون له، والدوقة نفسها مستعدة لإعطاء جناح في قصرها لإنشاء مدرسة في العلاقات بين الأندلس وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب.

والذي أريد ذكره هو: أن مشكلتنا هي مشكلة البحث العلمي، سواء في الهندسة، أو في التاريخ، فإنه ضعيف في بلادنا مع الأسف الشديد، وربما السبب في ذلك هو عدم ثقتنا في أنفسنا، فنظن صعوبة الدخول إلى مجالات صعبة خطيرة كهذه، فيضحك علينا الناس، أو نخطيء في آرائنا، أو غير ذلك!.

ولكن الأمريكان والأوروبيين – وخاصة الأمريكان – بحثوا في هذا الأمر، وباستطاعتي كتابة لائحة تضم عشرين كتابا ألف في هذا الموضوع، والآن هناك تراث في ذلك باللغة الإنجليزية وغيرها. فلماذا لا نكتب نحن العرب؟. لا أدري، لا أدري!! ..

عندنا في تراثنا إشارات عديدة، ذكرت بعضها في كلمتي هذه، في "مروج الذهب"، عند الشريف الإدريسي ... إلخ، وإذا فرّغنا طلبة للبحث في هذا التراث سيجدونه، لأن الكثير من المحلات التي نقرأ أنها في إفريقيا ليست في إفريقيا بل هي في أمريكا في الحقيقة، فلم يكن اسمها أمريكا، الجميع كان يدعى إفريقيا، لأن المؤرخين والجغرافيين قديما لم يكونوا يقسمون العالم إلى قارات بل إلى مناخات، ولذلك يمكن أن نحسب أمريكا الجنوبية على إفريقيا.

فأنا يسعدني - كما ذكرتم - إقامة ندوة في هذا الأمر، وقد فكرت في ذلك: أن نقيم مؤتمرا دوليا ولا نأتي بهذين الباحثين فقط، دوقة مدينة سيدونيا وعبد الحكيم كويك، بل نأتي بالعشرات من المختصين في هذا المجال، ومعظمهم – مع الأسف الشديد – ليسوا عربا ولا مسلمين، ولكن عندهم الجرأة العلمية والكفاءة ليقولوا ما يعرفونه حقيقة، لا يهم ما يكون دينهم، ولو وجدنا من يمول هذا المؤتمر فبكل فرح.

أنا كل ما يهمني في هذا الأمر شخصيا، وأقصد بشخصيا كل عربي ومسلم يهمه إشعاع أمته:

النقطة الأولى: يجب أن نعرف تاريخنا حقيقة، كيف نحن المغاربة لا نعرف أن دولتنا المرابطية نصفها كان في إفريقيا وأوروبا، والنصف الآخر كان في أمريكا ولا علم لنا به؟!. حتى أحتاج أن تأتيني دوقة الإسبان وتعطيني الوثائق مبرهنة على وجود الدولة المرابطية هناك في غويانا. وأنا متأكد تأكدا كاملا أن ذلك موجود في وثائقنا غير أننا لم نعرف قراءتها، لأن وصولنا إلى ذلك التاريخ كأننا نحل اللغة الهيروكليفية، فيجب أن تفهم، فربما تظن أنه يتحدث عن السودان وهو في ذلك الوقت يتحدث عن أمريكا!.

وبالمثال؛ في وثيقة: "جاء إلى مدينتين فوق الجبال: واحدة اسمها سلا، والأخرى: الرباط، على بعد خمسمائة كلم"، فالبديهة أن هذه ليست الرباط وسلا التي نعرفها، إنما بديهة أنها محل آخر. فالقاريء يجب أن يقرأ بوعي، فهو يتحدث عن سلا والرباط التين في البرازيل واللتين أسسهما أولئك، فربما تكون كثير من القصص المكتوبة بهذه الطريقة، نظنها تتحدث عن مناطق معينة وليس الأمر كذلك. وإذا وقعنا على تناقض قلنا: هذا إنما خبط. لا؛ لا تقل: إنه خبط، بل فتش عن سبب الاختلاف. فيجب أن يكون عندنا الوعي العلمي عند قراءة تاريخنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير