وقد فسر هذه العبارة الزعيم الروحي لليهود الشرقيين في القرن العاشر "سادية جاوون" حيث قال أنها نبوءة تخص عصره: فبابل رمزت الى الخلافة العباسية. وأن الأشكناز الذين فرض عليهم مهاجمتها، كانوا إما الخزر أنفسهم أو قبيلة حليفة. وبناء على ذلك يقول المؤرخ بولياك:
"إن بعض المثقفين من اليهود الخزر الذين سمعوا حجج جاوون البارعة أطلقوا على أنفسهم إسم الاشكناز حين هاجروا الى بولندا" (2).
وأصبح اسم "الاشكناز" هو الاسم البديل عن "الخزر" وعلى حد قول "كوستلر" فإن لفظ يهودي هو مرادف فعلا لليهودي الأشكنازي".
لغة الييدش: تستخدم لغة الييدش من قبل اليهود الأشكناز ذو الأصول الخزرية، دون غيرهم وهي لغة ملتبسة يعتقد الكثيرون بأصولها الألمانية وهذا اعتقاد خاطئ لا أساس له.
وتكتب لغة الييدش بأحرف عبرية وهي مزيج من السلافية والعبرية والكثير من المصطلحات التي كانت رائجة في المناطق الشرقية من ألمانيا الملاصقة للبلاد السلافية.
يقول آرثر كوستلر:
"إن تطور لغة الييدش كان عملية طويلة ومركبة، يحتمل أنها بدأت في القرن الخامس عشر، إن لم يكن قبل ذلك. إلا أنها بقيت لمدة طويلة لغة الكلام، أو قل نوعاً من اللغة المشتركة ولم تظهر مطبوعة إلا في القرن التاسع عشر" (3).
وقد تكونت تلك اللغة الهجين بفعل عدة عوامل متداخلة في الدولة البولندية التي كانت تنبعث، وكان حكامها يشجعون الهجرة اليها بهدف إعمارها وتطويرها فكان المهاجرون الألمان خير من يقوم بذلك "ويقال إن مجموع الألمان الذين هاجروا الى بولندا لم يقل عن أربعة ملايين" (4).
وقد شكل هؤلاء المهاجرون مدن حضارية، فيما تواجد اليهود الذين هاجروا من خازريا بعد إنهيار إمبراطوريتهم مدن صغيرة خاصة بهم أطلق عليها اسم "اشتتل". وبسبب سيادة الثقافة الألمانية في بولندا، ودخول نظام التعليم الألماني إليها "راح البولنديون يقدرون مزايا الثقافة العليا التي جلبها الألمان إليهم وأخذوا يحاكون أساليبهم الأجنبية كما ولع أفراد الأرستقراطية البولندية بالعادات الألمانية ووجدوا الجمال والمتعة في كل ما جاء من ألمانيا" (5).
إذا كان هذا حال البولنديين أبناء البلاد، فكيف يكون حال مهاجرين جدد اقتلعوا من ديارهم وقدموا الى مجتمع جديد؟! لم يجد هؤلاء الخزر أمامهم من سبيل إذا أرادوا النجاح في وطنهم الجديد، إلا تعلم اللغة الألمانية السائدة في بولندا، كما كان لزاماً عليهم أن يتعلموا لغة الشعوب السلافية التي كانوا يحتكون بها، ويعيشون بين ظهرانيا، ويتعاملون في حياتهم اليومية مع أبنائها.
أضف الى ذلك ما كانوا يتلقونه من دروس دينية على أيدي الحاخامات واستماعهم الى التوراة باللغة العبرية.
فتشكلت من كل هذا لغة هجين استخدمها هؤلاء المتهودون الخزر هي لغة "اليديش" التي تشكلت بطريقة فوضوية غير قائمة على قواعد محددة "يمكن بيان الفوضى التي شابت الهجاء بالرجوع الى القواعد التي جاءت في الدليل اليهودي للشعب والذي ينص على ما يلي:
اكتب ما تتكلم
اكتب بحيث يمكن لليهود البولنديين واللتوانيين أن يفهموك
راع اختلاف هجاء الكلمات المتحدة في الصوت والمختلفة في المعنى" (6).
لغة اليدييش إنتشرت في أوساط المتهودين الخزر (الاشكناز) وشكلت لغتهم الخاصة. بإستثناء جزء من طائفة القرائين الذين استمروا في التحدث بلغتهم الخزرية الأصلية. ذلك ما جاء في أول إحصاء روسي أجري سنة 1897 (7).
السفارد:
"من أصل لاتيني إسباني برتغالي (من نسل المادانوس - أي يهود شبه جزيرة أيبريا المتخفين الذين ارتدوا عن اليهودية في الظاهر، وإن كانوا قد استمروا في ممارسة عقيدتهم في الخفاء)، يتحدثون اللادينو (وهي لهجة إسبانية دخلت عليها مفردات عبرية وتركية وبرتغالية) (8).
وتعتبر اللادينو المعادل السفاردي للغة الييدش عند الأشكناز. وقد تشكلت بطريقة قريبة من الطريقة التي تشكلت بها الييدش. وكان متحدثو اللادينو يكتبونها بالخط "الراشي" الذي ابتدعه "ربى شلومو يريتسحات في القرن الحادي عشر. واستخدام لغة اللادينو نادراً الآن وتكتب بالحرف اللاتيني.
ويجب ألا نقع في التسرع والاعتقاد أن اليهود السفارديم يعودون الى أصل عرقي محدد.
¥