ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[20 - 11 - 06, 03:22 ص]ـ
الحمد لله
قال المحقق تحت عنوان " نقض أسطورة الحوأب "
(2) تقدم في ص 148 بيان موضع الحوأب. وأن الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزعموا أن عائشة ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء ليس له موضع في دواوين السنة المعتبرة. وقد رأينا خبره عند الطبري (5: 170) فرأيناه يرويه عن إسماعيل بن موسى الفزاري (وهو رجل قال فيه ابن عدي: أنكروا منه الغلو في التشيع)، ويرويه هذا الشيعي عن علي بن عابس الأزرق (قال عنه النسائي: ضعيف) وهو يرويه عن أبي الخطاب الهجري (قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: مجهول) وهذا الهجري المجهول يرويه عن صفوان بن قبيصة الأحمسي (قال عنه الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال: مجهول). هذا هو خبر الحوأب.اهـ
قلت (صلاح الدين):
هذه الرواية التي ذكرها المحقق في هامش (2) صـ161وذهب يفند سندها ليثبت أن خبر الحوأب لايصح سنداً وإن وجد في بعض المصادركالطبري، ذكرها الطبري في" المجلد الثالث ص 11" تحت عنوان:" شراء الجمل لعائشة رضي الله عنها، وخبرُ كلاب الحؤأب ".
إلا أنه هناك خبراً آخر ذكره الطبري
فقال حدثني أحمد بن زهير، قال:حدثنا أبى، قال:حدثني وهب بن جرير بن حازم، قال: سمعتُ يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، قال: بلغني أنه لما بلغ طلحة والزبير منزل عليّ بذي قار انصرفوا إلى البصرة، فأخذوا على المنكَدِر، فسمعت عائشة رضى الله عنها نُباح الكلاب، فقالت: أيّ ماء هذا؟ فقالوا:الحوأب، فقالت: إنالله وإنا إليه راجعون! إني لهَِيهْ، قد سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول وعنده نساؤه: " ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب " فأرادت الرجوع.
هذا الخبر يأتي بعد بضعة صفحات فقط من الخبر الذي ساقه المحقق، فقد ذكره الطبري في"المجلد الثالث ص18" ويبدو أن المحقق لم ينتبه إليه!
*كذلك قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/ 229) " ط. المطبعة السلفية" ـ كتاب فرض الخمس ـ في شرحه لصحيح البخاري رقم (3129):
قوله: (لما وقف الزبير يوم الجمل) يريد الوقعة المشهورة التي كانت بين علي بن أبي طالب ومن معه وبين عائشة رضي الله عنها ومن معها ومن جملتهم الزبير، ونسبت الوقعة إلى الجمل لأن يعلى بن أمية الصحابي المشهور كان معهم فأركب عائشة على جمل عظيم اشتراه بمائة دينار - وقيل ثمانين وقيل أكثر من ذلك - فوقفت به في الصف، فلم يزل الذين معها يقاتلون حول الجمل حتى عقر الجمل فوقعت عليهم الهزيمة، هذا ملخص القصة، وسيأتي الإلمام بشيء من سببها في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى: وكان ذلك في جمادى الأولى أو الآخرة سنة ست وثلاثين.اهـ
*وأيضاً قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/ 53) " ط. المطبعة السلفية " في شرحه لصحيح البخاري ـ كتاب الفتن ـ حديث رقم (7099):
وقوله: (لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل)
في رواية حميد " عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقد جمع عمر بن شبة في " كتاب أخبار البصرة " قصة الجمل مطولة، وها أنا ألخصها وأقتصر على ما أورده بسند صحيح أو حسن وأبين ما عداه، فذكر الحافظ بعض طرقها حتى قال:
ومن طريق عوف الأعرابي قال: استعمل عثمان يعلى بن أمية على صنعاء وكان عظيم الشأن عنده، فلما قتل عثمان وكان يعلى قدم حاجا فأعان طلحة والزبير بأربعمائة ألف، وحمل سبعين رجلا من قريش، واشترى لعائشة جملا يقال له عسكر بثمانين دينارا. ومن طريق عاصم بن كليب عن أبيه قال قال علي: أتدرون بمن بليت؟ أطوع الناس في الناس عائشة، وأشد الناس الزبير، وأدهى الناس طلحة، وأيسر الناس يعلى بن أمية. ومن طريق ابن أبي ليلى قال: خرج علي في آخر شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين ومن طريق محمد بن علي بن أبي طالب قال: سار علي من المدينة ومعه تسعمائة راكب فنزل بذي قار.
ومن طريق قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة فنزلت بعض مياه بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: الحوأب - بفتح الحاء المهملة وسكون الواو بعدها همزة ثم موحدة - قالت ما أظنني إلا راجعة، فقال لها بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب.
وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح.
وعند أحمد: فقال لها الزبير، تقدمين فذكره.
ومن طريق عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: أيتكن صاحبة الجمل الأدبب - بهمزة مفتوحة ودال ساكنة ثم موحدتين الأولى مفتوحة - تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة وتنجو من بعدما كادت. وهذا رواه البزار ورجاله ثقات. وأخرج البزار من طريق زيد بن وهب قال: بينا نحن حول حذيفة إذ قال: كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم فرقتين يضرب بعضكم وجوه بعض بالسيف؟ قلنا: يا أبا عبد الله فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك؟ قال: انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر علي بن أبي طالب فإنها على الهدى.اهـ
ما ذكره الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في شرحه لهذا الحديث، وذِكرِهِ لخبر الحوأب، وقوله بالنص:
" وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح. وعند أحمد: فقال لها الزبير، تقدمين فذكره ".
فهذا القول لايدع مجالا لكل من قرأ شرح هذا الحديث إلا أن يعلم أن خبر الحوأب قد ورد في أمهات كتب السنة ورواه الأئمة الأعلام كأحمد وغيره.
وهذا القول إن خفى على القاضي ابن العربي، فلا أدري كيف لم ينتبه إليه المحقق محب الدين الخطيب ـ عفا الله عنه ـ وهوالذي قام بالإشتراك مع محمد فؤاد عبد الباقي بالإخراج وتصحيح التجارب والإشراف على طبع" فتح الباري " بشرح صحيح البخاري لابن حجر بالمطبعة السلفية!
والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
¥