تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما من قال أنه: (عبد الله بن وهب الراسبي) كما هو عند الأشعري القمي في المقالات (ص 20)، فلعل ذلك وقع نتيجة الخلط بين عبدالله بن سبأ هذا و بين عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج، و هناك فرق بين الشخصيتين ما لا يخفى على مطلع، فعلى حين يكتنف شخصية ابن سبأ الغموض في المنشأ و الممات، نجد شخصية الراسبي واضحة المعالم، فهو رأس الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 172)، و هو المقتول في وقعة النهروان، العبر في خبر من غبر للذهبي (1/ 44)، و قبل ذلك فقد عرفت حياته أكثر من ابن سبأ، فقد شارك في الفتوح – فتوح العراق – وكان مع علي ثم خرج عليه خروجاً صريحاً. أنظر آراء الخوارج لعمار الطالبي (ص 94).

و مما يؤكد الفرق بين الاسمين ما نص عليه السمعاني في الأنساب (7/ 24) بقوله: (عبدالله بن وهب السبئي رئيس الخوارج، و ظني أن ابن وهب هذا منسوب إلى عبد الله بن سبأ).

و هناك من ينسب ابن سبأ من جهة أبيه أيضاً إلى حرب، كما فعل الجاحظ في البيان والتبيين (3/ 81)، و هو ينقل الخبر بإسناده إلى زحر بن قيس قال: (قدمت المدائن بعد ما ضرب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فلقيني ابن السوداء و هو ابن حرب .. ).

ومعظم أهل العلم ينسبون ابن سبأ من جهة أبيه إلى سبأ، فيقولون: (عبد الله بن سبأ)، ومن هؤلاء البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 382) ابن قتيبة في المعارف (ص 622) و الطبري في التاريخ (4/ 340) وأبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين (1/ 86)، والشهرستاني في الملل والنحل (1/ 174)، والذهبي في الميزان (2/ 426) وابن حجر في لسان الميزان (3/ 290)، وابن عبد ربه في العقد الفريد (2/ 405) و شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 483)، وابن حبان في المجروحين (2/ 253) والجوزجاني في أحوال الرجال (ص38) و المقدسي في البدء والتاريخ (5/ 129) والخوارزمي في مفاتيح العلوم (ص 22) وابن حزم في الفصل في الملل والنحل (4/ 186) و الأسفرايني في التبصرة في الدين (ص 108) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 3)، والسمعاني في الأنساب (7/ 24) و ابن الأثير في اللّباب (2/ 98)، و غيرهم الكثير. و من الرافضة: الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة (ص 22 - 23)، و الأشعري القمي في المقالات والفرق (ص 20) و النوبختي في فرق الشيعة (ص 22).

أما نسب ابن سبأ (لأمه) فهو من أم حبشية، كما عند الطبري في التاريخ (4/ 326 - 327) و ابن حبيب في المحبر (ص 308)، و لذلك فكثيراً ما يطلق عليه (ابن السوداء) ففي البيان والتبيين (3/ 81): ( ... فلقيني ابن السوداء) و في تاريخ الطبري (4/ 326): (و نزل ابن السوداء على حكيم بن جبلة في البصرة)، وفي تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 122): (ولما خرج ابن السوداء إلى مصر)، و هم بهذا يتحدثون عن عبد الله بن سبأ، و لذلك قال المقريزي في الخطط (2/ 356): (عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 8) من قول علي رضي الله عنه: (من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله ورسوله يعني ابن السوداء). و مثل هذا كثير ...

وكما وقع الخلط والإشكال في نسبة ابن سبأ لأبيه، وقع الخلط و تصور من غفلوا عن هذه النسبة لأمه، أن هناك شخصين: ابن سبأ، وابن السوداء، ففي العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 241): ( .. منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، و عبد الله بن السوداء نفاه إلى الخازر).

و يقول الاسفرايني في التبصرة (ص 108): (و وافق ابن السوداء عبد الله بن سبأ بعد وفاة علي في مقالته هذه).

ومثل هذا وقع عند البغدادي في الفرق بين الفرق (ص 235): (فلما خشي علي من قتل ابن السوداء وابن سبأ الفتنة نفاهما إلى المدائن).

والذي يترجح من مناقشة الروايات: أن ابن سبأ غير ابن وهب الراسبي، وأنه هو نفسه ابن السوداء، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير