يقول النسائي في الضعفاء والمتروكين (ص 14): (سيف بن عمر الضبي ضعيف). وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 278) أن سيف بن عمر: (متروك الحديث، يشبه حديثه حديث الواقدي). و عند ابن معين في نفس المصدر (2/ 278) أن سيفاً ضعيف الحديث. و ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة، واكتفى بالقول: (ضعفه ابن معين و غيره).الكاشف (1/ 416). و في المغني في الضعفاء (ص 292) قال الذهبي: (سيف بن عمر التميمي الأسدي له تواليف متروك باتفاق). و عند ابن حجر في التقريب (1/ 344): (سيف ضعيف الحديث). و يقول ابن حبان في المجروحين (1/ 345): (سيف بن عمر الضبي الأسدي من أهل البصرة اتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات).
هذا بالنسبة لسيف بن عمر و كونه محدثاً، لكن فما عساه يكون إخبارياً مؤرخاً؟!
هنا لا بد و قبل أن أذكر أقوال أهل العلم فيه أن أنبه أنه لا بد من التفريق بين رواية (الحديث) و رواية الأخبار الأخرى، فعلى الأولى تبنى الأحكام و تقام الحدود، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع، و من هنا تحرز العلماء –رحمهم الله – في شروط من تأخذ عنه الرواية، لكن يختلف الأمر بالنسبة لرواية الأخبار، فهي وإن كانت مهمة – لا سيما حينما يكون مجالها الإخبار عن الصحابة – إلا أنها لا تمحص كما يمحص الحديث، و من هنا فلا بد من مراعاة هذا القياس و تطبيقه على (سيف) بكونه محدثاً، و إخبارياً. راجع للأهمية كتاب: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة محمد أمحزون (1/ 82 - 143) فقد تحدث عن هذا الموضوع فأجاد.
نعود إلى كتب الرجال نفسها فنجد الآتي:-
يقول الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 255): (كان إخبارياً عارفاً). و يقول ابن حجر في تقريب التهذيب (1/ 344): (عمدة في التاريخ). أما اتهام ابن حبان لسيف بالزندقة فيجيب عنه ابن حجر في التقريب (1/ 344) بقوله: (أفحش ابن حبان القول فيه). ولا يصح اتهام سيف بالزندقة دون دليل، إذ كيف نفسر رواياته في الفتنة و حديثه عما جرى بين الصحابة، فأسلوبه الذي روى به تلك الأحداث أبعد ما يكون عن أسلوب الزنادقة، و هو الذي فضح و هتك ستر الزنادقة أمثال ابن سبأ!!
و بعد هذا لا يشك أحد أن رواية سيف مرشحة على غيره من الإخباريين أمثال أبي مخنف و الواقدي وابن الكلبي، و غيرهم الكثير، فإن روايات سيف تتفق و تنسجم مع الروايات الصحيحة المروية عن الثقات، علاوة على أنها صادرة و مأخوذة عمن شاهد تلك الحوادث أو كان قريباً منها. للمزيد حول هذا الموضوع راجع كتاب: استشهاد عثمان و وقعة الجمل رواية سيف بن عمر، للدكتور خالد بن محمد الغيث (ص 19 - 40)، و عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام للدكتور:سليمان العودة (ص 104 - 110).
ثالثاً: قالوا: لم يكن لابن سبأ وجود، و إنما هو في الحقيقة شخصية رمزت لعمار بن ياسر، ثم ساقوا عدد من الدعائم التي تؤيد هذا القول، منها:-
1 - كان ابن سبأ يعرف بابن السوداء، و عمار كان يكنى بابن السوداء أيضاً.
2 - كلاهما من أب يماني، و ينسبون إلى سبأ بن يشجب أصل أهل اليمن.
3 - كلاهما كان شديد الحب لعلي، و من محرضي الناس على بيعته.
4 - ذهاب عمار إلى مصر أيام عثمان و أخذ يحرض الناس على عثمان، و مثل هذا ينسب إلى ابن سبأ.
5 - ينسب إلى ابن سبأ القول بأن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، و أن صاحبها الشرعي هو علي، و هذا نفسه كان يقول به عمار.
6 - و يشترك الاثنان في عرقلة مساعي الصلح في معركة الجمل.
7 - قالوا عن ابن سبأ أنه هو المحرك لأبي ذر في دعوته الاشتراكية! و صلة عمار بأبي ذر وثيقة جداً.
الرد: هذا الرأي الذي خلصوا إليه، إنما يدل على جهل صاحبه، و هذا الرأي ترده كتب الجرح والتعديل و كتب الرجال الموثقة عند الشيعة، فهي تذكر عمار بن ياسر ضمن أصحاب علي والرواة عنه، و هو أحد الأركان الأربعة عندهم، ثم هي تذكر في موضع آخر ترجمة عبد الله بن سبأ في معرض السب واللعنة. أنظر: رجال الطوسي (ص 46، 51) و رجال الحلي (ص 255، 469). فهل يمكن اعتبار الرجلين شخصية واحدة بعد ذلك؟!
¥