تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بذور الفتنة: السبب الرئيسي، رجل يقال له عبد الله بن سبأ: و شهرته ابن السوداء لأن أمه كانت سوداء من الحبشيات. و هو من صنعاء و كان يهودياً من يهود اليمن. أظهر الإسلام و باطنه الكفر، ثم انتهج التشيع لعلي رضي الله عنه، و هو الذي تنسب إليه فرقة السبئية الذين قالوا بألوهية علي و خبر إحراق علي بن أبي طالب رضي الله عنه لطائفة منهم تكشف عنه الروايات الصحيحة في كتب الصحاح و السنن و المساند. انظر: المحبَّر لابن حبيب (ص308). تاريخ الطبري (4/ 340). و تاريخ دمشق لابن عساكر (29/ 3) و كتاب: ابن سبأ حقيقة لا خيال لسعدي مهدي الهاشمي، و كتاب عبد الله بن سبأ و أثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة، و مقال حقيقة ابن السوداء في جريدة المسلمون للدكتور سليمان العودة، العدد (652 - 653). و خبر إحراقهم عند: أبي داود في سننه (4/ 520) و النسائي (7/ 104) و الحاكم في المستدرك (3/ 538 - 539) و صححه الألباني في صحيح أبي داود (3/ 822).

فلما رأى هذا الرجل أن أمر الإسلام بدأ ينتشر بهذه الصورة و بدأ يظهر، رأى أن هذا الأمر ليس له إلا فتنة من داخله، و كان بمنتهى الخبث، فأول ما بدأ، بدأ بالمدينة، و كانت المدينة يومها ملأى بالعلماء، فدُحر بالعلم، كلما رمى شبهة رُد عليها، فمن شبهه أنه أظهر بعض العقائد اليهودية، مثل القول بالرجعة؛ أي رجعة الرسول صلى الله عليه وسلم و استدل بقوله تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص/85]، و ذكر تعجبه للناس ممن يصدق برجعة عيسى عليه السلام و يكذب برجعة محمد صلى الله عليه وسلم، و ما كان قوله هذا إلا وسيلة للوصول إلى ما هو أكبر من ذلك، حيث قال بعد ذلك برجعة علي رضي الله عنه و أنه سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، و هكذا. انظر: عبد الله بن سبأ و دوره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام لسليمان العودة (ص208)، واستشهاد عثمان و وقعة الجمل لخالد الغيث (ص 70 - 86).

و للرد عليهم أشير إلى أن الآية التي استدل بها السبئية دليل عليهم، و قد نقل ابن كثير في تفسيره (3/ 345)، أقوال العلماء في ذلك، فمنهم من يقول: رادك يوم القيامة فيسألك عما استرعاه من أعيان أعباء النبوة. و منهم من يقول: رادك إلى الجنة، أو إلى الموت، أو إلى مكة. و قد أورد البخاري عن ابن عباس القول بالرد إلى مكة. البخاري مع الفتح (8/ 369) و الطبري في التفسير (10/ 80 - 81).

و قد سأل عاصم بن ضمرة (ت74هـ) الحسن بن علي فيما يزعمه الشيعة بأن علياً رضي الله عنه سيرجع، فقال: كذب أولئك الكذّابون، لو علمنا ذلك ما تزوج نساؤه و لا قسمنا ميراثه. المسند (1/ 148).

و في الطبقات لابن سعد (3/ 39). ورد ذكر السبئية و أفكار زعيمها و إن كان لا يشر إلى ابن سبأ بالاسم، فعن عمرو بن الأصم قال: (قيل للحسن بن علي: إن ناساً من شيعة أبي الحسن علي رضي الله عنه يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته، أولئك أعداؤه لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه.

ومن أقوال ابن سبأ أيضاً القول بالوصية و الإمامة. يقول الشهرستاني في الملل و النحل (1/ 174): إن ابن سبأ هو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي.

ويذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4/ 435): أن أصل الرفض من المنافقين الزنادقة، فإنه ابتدعه ابن سبأ الزنديق و أظهر الغلو في علي بدعوى الإمامة و النص عليه، و ادّعى العصمة له.

و في خطط المقريزي (2/ 356 - 357): أن عبد الله بن سبأ قام في زمن علي رضي الله عنه مُحدِثاً القول بالوصية و الرجعة و التناسخ.

و من المحدثين الشيعة الذين ذكروا فكرة الوصي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ) في كتابه الكافي في الأصول، حيث أورد النص التالي: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، و لن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله، و وصية علي عليه السلام. أنظر: السنة و الشيعة لإحسان إلهي ظهير (ص54).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير