حتى لو صح سند هذا القول، لأن ابن الزبير عارض معاوية حين عهد لابنه يزيد من بعده، كما عارضه الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر، ولم يبايع ليزيد، ولم يخرج عليه، ولا سار إليه بجيش!
بل لما أصرّ يزيد ـ عصبية وكبرا ـ أن يطلبه للبيعة وهدده وتوعده، عاذ ابن الزبير بحرم الله تعالى، ولو سكت عنه يزيد ما حدث انتهاك لبلد الله الحرام.
هذا؛
ولم يدعو ابن الزبير لبيعته ولم يدِّعي الخلافة في حياة يزيد.
فكيف يقال عنه أنه خارجي!
وأنه هو المقصود بالفئة الباغية!
إلا أن يكون من يأبى الدخول في البيعة باغياً وخارجياً!
قال ابن كثير في البداية والنهاية (8/ 217):
إمارة عبد الله بن الزبير
وعند ابن حزم وطائفة أنه أمير المؤمنين آنذاك
قد قدمنا أنه لما مات يزيد أقلع الجيش عن مكة وهم الذين كانوا يحاصرون ابن الزبير وهو عائذ بالبيت فلما رجع حصين بن نمير السكونى بالجيش إلى الشام استقل ابن الزبير بالحجاز وما والاها وبايعه الناس بعد يزيد بيعة هناك ..... ثم بعث أهل البصرة إلى ابن الزبير بعد حروب جرت ....... يخطبونه لأنفسهم فكتب إلى انس بن مالك ليصلى بهم .... وبويع في رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام .....
... وقال أيضاً: ذكر بيعة مروان بن الحكم
وكان سبب ذلك أن حصين بن نمير لما رجع من أرض الحجاز وارتحل عبيد الله بن زياد من البصرة إلى الشام وانتقلت بنو أمية من المدينة إلى الشام اجتمعوا إلى مروان بن الحكم بعد موت معاوية بن يزيد وقد كان معاوية بن يزيد قد عزم على أن يبايع لابن الزبير بدمشق،وقد بايع أهلها الضحاك بن قيس على أن يصلح بينهم ويقيم لهم أمرهم حتى يجتمع الناس على إمام، والضحاك يريد أن يبايع لابن الزبير،وقد بايع لابن الزبير النعمان بن بشير بحمص، وبايع له زفر بن عبد الله الكلابى بقنسرين، وبايع له نائل بن قيس .... اهـ
** قلت (صلاح الدين):
وقول ابن كثير رحمه الله: (وبويع ـ أي ابن الزبير ـ في رجب بعد أن أقام الناس نحو ثلاثة أشهر بلا إمام ..... ) دليل على أن ابن الزبيرلم ينازع يزيد في أمر الخلافة، ولم يدّعي الخلافة،أو حتى الإمارة على مكة التي كان عائذاً بها، ولم يدعو لنفسه إلاّ بعد موت يزيد.
مما يبين فساد القول بندم ابن عمر على عدم قتاله لابن الزبير ووصفه بالفئة الباغية.
ثُمَّ؛
كيف يصرح ابن عمر بندمه " عند الموت! " على عدم مقاتلته ـ مع أهل الشام ـ وهم الذين قتلوه؟!!!
والرواية في صحيح البخاري:
* حدثنا أحمد بن يعقوب قال حدثني إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه قال
دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده فقال كيف هو؟ فقال: صالح فقال: من أصابك؟ قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله يعني الحجاج.
* حدثنا زكرياء بن يحيى أبو السكين قال حدثنا المحاربي قال حدثنا محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير قال:كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه ن فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت فنزعتها، وذلك بمنى فبلغ الحجاج فجعل يعوده ن فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: أنت أصبتني، قال:وكيف؟ قال:حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم.
قال ابن حجر في الفتح:
قوله: (أنت أصبتني)
فيه نسبة الفعل إلى الآمر بشيء يتسبب منه ذلك الفعل وإن لم يعن الآمر ذلك، لكن حكى الزبير في الأنساب أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شق عليه فأَمَرَ رجلا معه حربة يقال إنها كانت مسمومة فلصق ذلك الرجل به فأمَرَّ الحربة على قدمه فمرض منها أياما ثم مات، وذلك في سنة أربع وسبعين.اهـ
وأخيراً
أي فضيلة لابن عمر على ندمه لعدم مقاتلته مع أهل الشام لابن الزبير (الباغي! زعموا) وقد هُزِمَ من معه وقُتِلَ و صُلِبَ ابن الزبير نفسه رضي الله عنه؟!!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 01 - 07, 08:02 م]ـ
الفئة الباغية هي التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها التي تقتل عمار، وهي بلا خلاف بين أهل العلم هي التي قاتلها علي رضي الله عنه. [/ COLOR]
بل الخلاف في تعيين تلك الفرقة (إن صح الحديث) معروف عند أهل العلم. والصواب أن السبئية هم الفرقة الباغية وأنهم مسؤولون عن كل دم سفك.
¥