وفي حواشي الشيخ عبدالله بن حميِّد ومقدَّمته مفارقة أخرى غريبة! ففيها ما هو مشترك مع إمتاع السامر، كمسألة النسب السفياني، ولكنه لم يسمع بإمتاع السامر المزعوم أنه طُبع سنة 1365! وكان قد كتب في مجلة العرب سنة 1395 أنه اطلع على ورقتين فيهما نسبة آل عايض إلى بني أمية، من غير أن يشير إلى أن هناك كتاباً كبيراً اسمه إمتاع السامر يدور على هذا المعنى! وعندما ظهر الإمتاع سنة 1407 كتب مقالة بجريدة البلاد بتاريخ 14/ 4 / 1407، يلفت فيها نظر الشيخ حمد الجاسر إليه، ويظهر منها أنه فوجئ به كما فوجئ به الناس، مع أنه (يعكف الآن لوضع تاريخ شامل عن المنطقة)، كما هو مكتوب على غلاف الدر الثمين!
التفسير المعقول لذلك أن إمتاع السامر كان في طور التزوير سنة 1398 ولم يوضع له اسم إمتاع السامر بعد! ولا يخفى أنَّ تزويره يحتاج إلى سنوات، فلا يُستغرب أن تُدَسَّ بعض موادّه في سنة 1398 إلى المشتغلين بتاريخ عسير، كابن حميِّد وابن مسفر ومحمود شاكر، لينقلوا منها فتصير نقولهم كالتوثيق للكتاب الذي يضربونه في دار الضرب!
وكذلك فإن ابنه الأستاذ محمد بن عبدالله بن حميِّد، رئيس النادي الأدبي بأبها، هو أحد المعلِّقين على إمتاع السامر، الذي. فهو يحذِّر منه ويشهد بأنه كتاب منحول، وينكر أن يكون أبوه ناشر الدر الثمين، ويؤكّد أن الدر الثمين ظهر بعد موته! والله أعلم بحقيقة الحال!
خامساً:
واقع الحال الذي سعى المجادل عن الكتاب ليصرف نظر القارئ عنه، ويستطيع القارئ أن يتأكد منه بنفسه، أن الأبيات التي تتَّفق مع أغراض إمتاع السامر لا توجد إلا في إمتاع السامر! بل إن هذا التزييف بعينه يصبح دليلاً ملموساً على تزييف الكتاب!
فالإشكال ليس في وجود القصيدة في إمتاع السامر، بل في هذه الأبيات الثلاثة (حسب ترقيم إمتاع السامر):
32 بنو أمية قد عزوا بملكهم * وغيرهم في فساد ظاهر عفنِ
33 أحفادهم في رحاب الأرض ما برحوا * وإن نأى مجد ما شادوه فاستبنِ
42 أرومة من قريش طاب معدنها * نسل اليزيدين أهل الفضل والمننِ
وهي نفس الأبيات التي يوردها الأستاذ (صقر بن حسن) متفاخراً بها ومستدلاً على صحة الكتاب وصحة النسب السفياني!
احذف هذه الثلاثة، فتؤول القصيدة إلى قصيدة عادية يقولها شاعر في مدح أميره، كقصائد متن الدر الثمين مثلاً!
ولم ينكر أحد أن شعراء عسير كانوا يمدحون أمراءهم منذ الجاهلية إلى اليوم!
فكل الصيد في جوف هذه الأبيات الثلاثة!
هذه الأبيات الثلاثة - على مسؤوليتي - لا توجد في النفحات التي هي مصدر الجميع، كما لا يوجد الأول والثاني منهما في حاشية ابن حميِّد، مع أنه ينقل من النفحات بلا أدنى شكّ، ولكن يوجد عنده الثالث فقط (رقم 42)! فالظاهر أن يد التزوير كانت تدسّ البيت بعد البيت في القصيدة كلما جادت القريحة بشيء، وعندما دسُّوها إليه لم كانوا قد صنعوا ذلك البيت وحده!
وهذا طبعاً من باب إحسان الظن به رحمه الله، وتنزيهه عن أن يكون شريكاً في الاختلاق وتزوير التاريخ والأنساب والأشعار، كما هو حقه علينا!
لقد أورد الأستاذ (صقر بن حسن) هذه الأبيات، وزعم أنها موجودة في الدر الثمين أو في حاشيته، وأنها موجودة في النفحات، ثم ألقى بهذه العبارة الغامضة الخطيرة (وعنده في القصيدة نقص ... وهي ناقصة)، ليظن القارئ أن النقص واقع في مقدَّمة القصيدة أو خاتمتها أو بعض أبياتها الروتينية! وليس في نفس هذه الأبيات التي فرغ لتوَّه من إيرادها! لئلا يفطن القارئ إلى طبيعة النقص المزعوم وتأثيره على وجه الاستشهاد! وليحتاط لنفسه، ويحتفظ بخط الرجعة إذا انكشف الأمر!
ولعل القارئ يفطن إلى أنه صوَّر كثيراً من صحائف الدر الثمين وديوان ابن عثيمين وغيرهما، فلما وصل إلى (نفحات من عسير) نشر صورة الغلاف وحدها! ولم ينشر صورة القصيدة! لئلا يعرف القراء أين النقص وأين الكمال!
فسبحان الله! يظنون أنهم أذكياء وأن القراء أغبياء!
أتدرون ما معنى هذا الكلام الذي يسوِّق له الأستاذ (صقر بن حسن)؟!
معناه: الادِّعاء بأن آل عائض كانوا ينتسبون إلى يزيد بن أبي سفيان في القرن الثالث عشر، وأن ذلك اشتهر ذلك عنهم بحيث يمدحهم به الشيخ الجليل عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي وأمثاله من العلماء والشعراء، وطبعاً سيقول القارئ: إذا شهد ذلك الشيخ بنسبهم قبل 160 عاماً فقد قُضي الأمر!
¥