فنحن إذن بين احتمالين: أن يكون الأستاذ محمد الحفظي قد طمس الأبيات الدالة على النسب السفياني من النفحات سنة 1393! وهذا غير معقول، ولا يوجد ما يدعوه إلى ذلك، ولا سيما إذا كان أسلافه يقرِّرون النسب السفياني لآل عايض! وليس بينه وبين آل عايض أي عداوة! والدولة السعودية - التي قد يقال إنه ربما طمس الأبيات مجاملة لها - لا يعنيها نسب الأشراف والأدارسة وآل الرشيد وآل مهنا وآل عايض وسائر خصومها الذين دخلوا في طاعتها، بدليل أنها لم تكترث بحاشية ابن حميِّد ولا بكتاب محمود شاكر الشامي، والذي يعنيها هو الطاعة والولاء والوفاء بالعهد والبيعة!
والاحتمال الآخر: أن تكون القصيدة صحيحة كاملة في النفحات، وأُفسدت بالدسّ عليها في إمتاع السامر للغرض المعلوم الذي زوِّر من أجله الكتاب! وهذا هو الاحتمال المعقول الذي لا يوجد غيره، ولا سيما مع تراكم الظلمات على إمتاع السامر.
وإن صحَّ ذلك، وهو صحيح إن شاء الله، فيكون أصحاب إمتاع السامر - من مزوِّرين ومطبِّلين - قد افتروا شعراً لأجل التلاعب بالأنساب وألصقوه بشيخ عسير الجليل عبدالخالق بن إبراهيم الحفظي!
وللإحماض أسوق لكم نكتة!
كان الشيخ حمد الجاسر قد كذَّب قول شعيب بأن أباه لقي الأمير محمد السديري بالرياض عام 1281، بناء على أن السديري مات وهو أمير على الأحساء سنة 1277 تقريباً. فانتصر أبو عبدالرحمن الظاهري لشعيب، ووضع رقماً عند هذه الجملة، وقال في الحاشية (إنما ذلك والده أحمد وأما محمد فقتل سنة 1291). وهذه هي الأمانة العلمية، لأن التصدِّي للباطل لا يكون إلا بالحقّ.
لقد كان من الواجب على الأستاذ (صقر بن حسن) أن يشكر الخصم على صدقه وأمانته ولو في هذا الموضع، أو يتجاهل المسألة كما يتجاهل غيرها! ولكنَّه اعتبر خطأ الجاسر من باب (التدليس والتلبيس)، واعتدى بأن جعل كلام الظاهري (زيادة في التدليس والتلبيس)!
لماذا يا مولانا؟! لأن التصحيح لم يرد في نفس الصفحة (رقم 528)، بل في قسم الحواشي (ص 540).
يا سبحان الله! أبو عبدالرحمن ينتصر لإمتاع السامر في مسألة معيَّنة، فيُتَّهم (بزيادة التدليس والتلبيس)، مع أنه لم يفعل إلا ما يفعله جمهور الباحثين من وضع الحواشي في آخر البحث! علماً بأنه لا يتدخَّل في التفاصيل الشكلية والطباعية!
أما الأستاذ (صقر بن حسن) - وقد بلغ هذه المنزلة الرفيعة من أخلاقيات البحث العلمي - فقد رضى لنفسه وللقراء بأن يستشهد لصحة إمتاع السامر بثلاثة أبيات يعلم علم اليقين أنها لا توجد إلا في إمتاع السامر، ويؤكد أن القصيدة موجودة في مصدرين آخرين، ويوظِّف الحيل اللفظية والتصويرية لصرف القارئ عن اكتشاف الحقيقة، وهي أن الأبيات الثلاثة لا توجد إلا في إمتاع السامر!
ورحم الله الإنصاف، والإنصاف عزيز!
ثم قال الأستاذ (صقر بن حسن):
المثال الثاني:
قصيدة العلامة الشيخ سليمان بن سحمان، والتي عارضَ بها قصيدة والد شعيب العلامة عبدالحميد الدوسري والتي يقول فيها:
فأشرِفْ على أبها حنانيكَ قائلاً ... ودمعُكَ سفاحٌ على الخدِّ والنَّحْرِ
سلامٌ على من حَلَّها من ذوي الهُدى ... بقيةِ أهلِ الدينِ في غابرِ الدهرِ
وهي موجودة في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " كاملة بدون نقص.
2 – كتاب " مشاهير علماء نجد " للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ المطبوع عام 1392 وعام 1394 ولكنها ناقصة كثيراً.
فنقول:
أولاً:
القصيدة بتمامها في ديوان ابن سحمان بتحقيق عبدالرحمن الرويشد (ما غيره!) ص 398 - 408
وقد ذكر أنه طرح مناسبات القصائد، ولم يتيسر بعدُ مراجعة الطبعة القديمة للتأكد من ورود جواب عليها، وتعيين عبد الحميد المخاطب بها.
مع العلم أنه لم يتأكد بعد أنه والد شعيب، ولا أنه ابن خالة سليمان.
والواجب على من يدافع عن الكتاب أن يوثق هذه الدعاوى بالوثائق.
ثانياً:
الاشتغال بهذه القصيدة، وتصويرها من الكتب، إضاعة للوقت وتلبيس على القراء؛ لأن القصيدة سعودية الهوى والتوجّه 100% وتعكس إخلاص أهل عسير لدولتهم السعودية.
والواقع أن مزوِّر الكتاب إنما أوردها تمهيداً لإنشاد الجواب المزعوم عليها منسوباً إلى (الشيخ العلامة عبدالحميد بن سالم الدوسري) والد شعيب!
فالإشكال إنما ينحصر في قصيدة الدوسري الجوابية المزعومة!
¥