وطبعاً لم يستطع المجادل عن الكتاب توثيقها! ولم يملك الشجاعة ليصارح القارئ بأنها لا توجد إلا في إمتاع السامر، بل صرف القارئ عن التفكير فيها بصور القصيدة الأولى!
فلا عجب أن تتضمن القصيدة الجوابية المزعومة إشارة أخرى إلى النسب السفياني:
49 بنو عائض فرع اليزيد محمد * وأهل العلا من نسل حرب ومن صخرِ
وهي ما زُيِّفت إلا لهذا الغرض!
فكأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا!
أصحاب إمتاع السامر يستشهدون على النسب السفياني بأشعار لا توجد إلا في إمتاع السامر!
كقاضي البصرة الذي تنكَّر وجاء إلى المأمون ليثني على قاضي البصرة!
ثم قال المجادل عن الكتاب:
المثال الثالث: قصيدتان:
الأولى قصيدة الشيخ علي بن الحسين الحفظي التي أرسلها إلى الإمام فيصل بن تركي والتي يقول فيها:
أيا أم عبدٍ مالكِ والتشردِ ... ومسراكِ بالليلِ البَهيمِ لتبعُدي
ومأواكِ أوصادَ الكُهوفِ توحُّشاً ... ومثواكِ أفياءَ النصوبِ وغرقدِ
والثانية قصيدة الشيخ أحمد بن علي بن مشرف الأحسائي رداً عليها حيث يقول فيها:
بَشيرُ سُعادٍ جاءَ نحوكِ فاسعدِ ... وقد وعدتْ وصلاً فأوفتْ بمَوعدِ
وكلتا القصيدتين موجودتان في:
1 – كتاب " إمتاع السامر " بكمالهما.
2 – كتاب " عنوان المجد في تاريخ نجد " بتحقيق الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، المطبوع عام 1494، أما القصيدة الأولى فكاملة، وأما الثانية فناقصة كثيرا.
أقول:
في هذه صدق الأستاذ (صقر بن حسن)، فالقصيدة ثابتة وجوابها ثابت.
وقد قلَّبتُهما فلم أجد مسوِّغاً لإثباتهما في إمتاع السامر!
وليس فيهما أي إشارة إلى النسب السفياني!
فقصيدة الحفظي سعودية الهوى والعاطفة 100%، وكذلك قصيدة ابن مشرف، وكلتاهما صريحة بأن عسير ولاية سعودية.
يقول الحفظي:
16 وفيها رئيس (عائض) حول وجهه * حياض المنايا أصدرت كل موردِ
17 خليفة عصر للحنيفي مثقف * لما اعوجّ منه في حجاز وأنجدِ
57 وناد بأعلى الصوت (بشرى لفيصل) * ومن نسل سادات الملوك مسددِ
58 إليك نظاماً نشره في وقائع * على جحفل المصري قد شيد باليدِ
والحنيفي: فيصل بن تركي، لأنهم من بني حنيفة.
ويتردد نفس المعنى في القصيدة الجوابية:
23 حنيفية في دينها حنفية * فأنسابهم تعزى لأفخر محتدِ
52 سما للعلا حقاً عليٌّ ولم يزال * يروح بأسباب الجهاد ويغتدي
57 فلما تولّى عاضنا منه عائضٌ * إمام همام كالحسام المجردِ
ويلاحظ أن الضرورة ألجأت الحفظي إلى (حنيفي) بدلاً من (حنفي)، فتلطف ابن مشرف إلى التصحيح بقوله (حنيفية في دينها حنفية)!
والغريب أن يوردهما مزوِّر إمتاع السامر وهو يزعم أن بني سعود يمنيون من مراد، وأنهم من أحفاد الجند الذي بعث صاحب عسير السفياني لنصرة صلاح الدين!
والشاهد على كل حال أن وجود القصيدتين ليس فيه أي دليل على صحة إمتاع السامر!
ثم قال المجادل عن الكتاب:
المثال الرابع:
قصيدة الشاعر الكبير محمد بن عثيمين التي قالها في عام 1342 ه وأولها:
بلوغ ُ الأماني في شفار القواضبِ ... ونيل المعالي في مَجَرِّ السَّلاهبِ
1 – موجودة في كتاب " إمتاع السامر " كاملة.
2 – موجود في ديوان الشاعر ابن عثيمين " العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين " المطبوع قديماً طبعة راقية على نفقة الوزير ابن سليمان.
أقول مرّة أخرى: شعر ابن عثيمين محفوظ، لا حاجة للأستاذ أن يشتغل بتصويره، والإشكال في قصيدة العائضي الجوابية المزعومة!
لقد زعم مزوِّر إمتاع السامر: أن محمد بن ناصر بن عبدالرحمن بن عائض (ردَّ عليها على مسمع من الأمراء والأعيان بقصر الحكم بالصفاة)، وبعد أن أثنى على محمد بما لعله أهله قال (ويظهر ذلك من خلال القصيدة التي ألقاها أمام الملك عبدالعزيز وأعيان البلاد بعد سماعه لقصيدة ابن عثيمين ... فاندفع يتكلم وكأنه وسط خضمّ المعركة ... إلخ).
وقد افتخر فيها بآل عائض وإخلاصهم للدين والعروبة والخلافة والوحدة العربية والإسلامية، وأمجادهم القومية، ونسبهم الأموي! وشتم ابن عثيمين شاعر الملك بأنه (مولى بني تميم)، ووصف الملك عبدالعزيز بالطريد الشريد، واتَّهمه بالكفر والعمالة للإنجليز، وافتخر عليه بآل الرشيد، وبانتصارات آل عائض عليه، وشبَّه أحد قادته بالحمار، ومدح الأتراك لأنهم دولة الخلافة التي خرج عليها آل سعود وأمثالهم، ... إلخ
وعدد الأبيات المرتجلة 336 بيتاً! وهذه نماذج منها:
20 رويدك يا مولى تميم فلم تكن * لتدرك درب الحق عند التخاطبِ
22 ولم يك من أصفيته الود راغباً * سوى الملك يرجوه رفيع المناصبِ
139 وليسوا كأنت من غدوتم بكفركم * عتاةً دهاةً في افتراء المقالبِ
140 تريدون تمزيق الصفوف ودأبكم * تكيدون للإسلام في كل جانبِ
141 وكم من أمين قد دفعتم لغزوه * فيا ذُلَّ من أمسى عميل الأجانبِ
142 ألم تجعلوه دميةً في أكفكم * فإن حاد فالتهديد شأن المعاقبِ
145 فلاذا مثل بازين دربخا * إذا ما بدا نسر رهيف المخالبِ
153 ولو ابنة الحمّاد فاهت بآهة * لهبوا إليه بالسيوف النواصبِ
يزعم أنه قال للسلطان عبدالعزيز في وجهه وفي مجلسه: أنت كافر عميل تكيد للإسلام، وأغريت ابن الصباح بالمال والتهديد ليغزو معك ابن رشيد، ففررتما فرار البزاة من وجه النسر، ولو ساعد المقدور لصرخت المرأة وفشلت في استعادة الرياض!
ومن ظرائفها قوله في تفسير هزيمتهم:
93 ثلاث قوى قد جابهتنا بزحفها * وكنا لها سدًّا منيع الجوانبِ
فظاهر أن العدوان الثلاثي على مصر كان يجول في ذهن الناظم!
ولعل القارئ الكريم ينظر في مفردات هذه الأبيات، لأنها نموذج لمفردات الكتاب كله (من خلال - المقالب - دفعتم - عميل - دمية)، فهي خير دليل على عصر الكاتب وثقافته الأدبية المعاصرة!
فأقول باختصار:
من صدَّق هذه الأسطورة والكتاب الذي يرويها فعلى عقله السلام!
هذه حكاية القصائد الخمس!
وقد أحسن إلينا الأستاذ (صقر بن حسن)، من حيث لا يقصد، بهذه الصور، فلفت نظرنا إلى دقائق كانت غائبة عنا وهي تثيت التزوير في إمتاع السامر!
ولكنها تحتاج إلى تحرير ليس هذا مكانه
سبحانك اللهم وبحمدك، نستغفرك ونتوب إليك
اللهم اغفر لي ولأخي
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
¥