على إثر ظهور الكتاب سنة 1407، كتب الشّيخ محمّد رسالة نشرت خلاصتها في مجلّة العرب (24/ 136، رجب 1409)، وحاصلها أنّهم من بني زياد بن عامر بن صعصعة، نقلًا عن وثيقة نشرت صورتها في المجلة بخطّ الشّيخ صالح بن محمّد الشّثري سنة 1309، نقلًا عن شجرتهم التّي صنفها مفتي الأفلاج في زمانه الشّيخ صالح بن غانم الشّثري. و في أسفل الوثيقة شهادة أخرى لعالم لم أقرأ اسمه وفيها نفس النّقل من مشجرة ابن غانم.
ولم يتطرق الشّيخ محمّد بن ناصر في رسالته إلى إمتاع السّامر، ولم يذكره بخير ولا شر، مع أن الغرض من رسالته واضح، وهو الرّد على أراجيف إمتاع السّامر! ويظهر أنه رأى في تسمية الكتاب شرفاً لا يستحقّه الكتاب الذي لم يشتهر آنذاك.
فعقب عليه الشّيخ حمد الجاسر في نفس الموضع بأنّه سبق أن نشر نسبهم هذا في جمهرة الأسر اعتمادًا على مضمون هذه الوثيقة، بخطّ ابن محمود قاضي قطر (أي إن ثلاثة من العلماء رووا مضمونها: ابن صالح، والرجل الآخر في أسفل الورقة، وابن محمود).
وهذا تكذيب عملي من الجاسر للكتاب! وبعد أن فرغ الجاسر من التكذيب العملي، أشار - الجاسر وليس الشّثري! - إلى إمتاع السّامر وما ورد فيه بهذه العبارة:
وبعد ذلك اطلعت على نسب لهذه الأسرة الكريمة في كتاب مؤلّف حديث هذا ملخصه … [وأورد نحو ثلاث صفحات من إمتاع السّامر]
فأنت ترى أن الشّيخ محمّد بن ناصر إنما تجشَّم الكتابة لدحض ما ورد في إمتاع السّامر، ولم يسمّ الكتاب ولا صاحبه، فضلًا عن أن يعتمد عليه، فضلًا عن أن يرجِّح كلامه، وأن الجاسر هو الذّي أقحم الكتاب في سياق الكلام على نسبهم، من غير تسميته أيضًا، بل قال (في كتاب مؤلّف حديث)، أي منحول!
وقد عبّر الجاسر عن رأيه في الكتاب مرارًا: أنّه منحول لا يُطمأن إليه، ولكنّه يورد ما فيه لأنه اعتاد على إيراد الآراء المختلفة في الموضوع، ولو علم أن شلَّة إمتاع السّامر سيعتبرون ذلك توثيقًا له لأضرب عن الإحالة إليه بالمرة!
فلمّا نشر الشّيخ محمّد بن ناصر الطّبعة الثّانية من كتابه، قرَّر فيها وكرَّر ما ذكره في المجلة من أنّهم من بني زياد بن عامر بن صعصعة، مشيرًا إلى وثيقة الشّيخ صالح ومشجرة ابن غانم (انظر الصورة أعلاه). ثمّ اضطر إلى مواجهة إمتاع السّامر باسمه، ولا سيّما بعد إصدار الدّارة له وانتشاره بأيدي النّاس. فمهَّد لذلك بقوله:
وينتسب شيخنا بالعصبية إلى قبيلة الحرقان من عبيدة من جنب من قحطان. قال صاحب إمتاع السّامر … إلخ).
ولم يقل: قال شعيب الدّوسري! ولا صحَّح النّسب القحطاني، بل ردَّ آخر الكلام على معنى العصبية كما في بدايته، فقال (وهذه الطّريقة في انتساب العصبية معروفة بين قبائل نجد)، وضرب لها أمثلة من عشائر موجودة في غير قبائلها.
وأمّا قوله (وهذا النّسب هو المشهور عند العارفين بالأنساب من قبائل قحطان، وعند الشّثور، وعند نسَّابة أهل نجد)، فإنّ كان المراد به النّسب القحطاني فتخريجه واضح كالشّمس، يفهمه أدنى الناس حظًّا من العربية، وهو أن المشهور شيء والحقيقة شيء آخر! وما كتب الشّيخ إلى مجلّة العرب إلا لتصحيح هذا المشهور وترجيح غيره عليه!
وقد صنَّف العلماء في الأحاديث المشهورة على الألسنة مع أنها باطلة!
وإذا كان (صقر بن حسن) لا يفرِّق بين الرّاجح والمشهور فليس أهلاً لأن يخوض في علم التّاريخ!
فثبت بالدّليل القاطع أن (صقر بن حسن) قد افترى على الشّيخ محمّد الشّثري بقوله (ذكر قول إمتاع السّامر، ورجحه على غيره من الأقوال)!
فصار كلام الشيخ لدحض إمتاع السّامر دليلاً على صحة إمتاع السّامر!!
وهكذا يكون تصحيح التاريخ!
ولا عجب أن يكون الدفاع عن الزيف بزيف مثله!
والقارئ يرى أنّ الشيخ ذكر قول صاحب إمتاع السّامر بعد أن فرغ من إيراد النّسب الصّحيح في نظره وتوثيقه بتلك الوثيقة، ولم يسمِّ القائل لأن الكتاب في نظره مكذوب على شعيب، ثمّ كرَّ عليه بالتّخريج البديهي وهو أنّه انتساب بالعصبية!
وهذا التّناقض بين كلام الشّيخ محمّد وتحريف (صقر بن حسن) يدركه القارئ بكل وضوح، وقد صوَّره للقارئ بنفسه! واللّه الموعد!
ولعلي أستشهد بالبيت الذي استشهد هو به من قبل:
ولا تكُ كالشاةِ التي كان حتفها ... بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
وقول (صقر بن حسن):
¥