تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الذهبي: (وأما مغازي موسى بن عقبة فهي في مجلد ليس بالكبير سمعناها وغالبها صحيح ومرسل جيد، لكنها مختصرة تحتاج إلى زيادة بيان وتتمة) [الذهبي، السير، (م. س) 6/ 115 - 116].

5 - السيرة الصحيحة:

ومع تطور علم التاريخ واتساعه ونشوء منهج النقد التاريخي ونموه في الغرب حاول بعض المعاصرين توظيف منهج النقد في السيرة فنشأ ما سمي (السيرة الصحيحة) [قام بها د. أكرم ضياء الدين العمري وذكر هو في مقدمة ((السيرة الصحيحة)) (م. س) 1/ 23 ستة عشر رسالة جامعية وظِّف فيها منهج المحدثين في نقد روايات السيرة، وربما يتصل بهذا الموضوع محاولة د. أبو شهبة في (السيرة النبوية من القرآن والسنة) وإن كنا لا نراها دقيقة وكذلك تحليل محمد عزت دروزة للآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة في كتابه (سيرة الرسول)].

لكن تطبيق منهج المحدثين بقواعده الصارمة سيفقدنا كثيرًا من الأخبار التاريخية، لأنها تفتقد لتلك المعايير السليمة التي توفرت في الحديث النبوي الشريف، الأمر الذي سَيُحْدث فجوات تاريخية يحتاج إليها المؤرخ، وقد يكون هذا ما دفع المحدثين إلى عدم القيام بهذه المهمة بشكل مفصل وشامل، واكتفوا بإبداء نظرات نقدية في كتب السيرة عامة وعلى وجه الإجمال، بل إنهم تساهلوا في المؤرخين كما أشرنا إلى ذلك قبل ومع أنهم ضعفوا الواقدي واتهموه بالكذب قالوا: ((لا يُستغنى عنه في المغازي وأيام الصحابة وأخبارهم)) [انظر ترجمته في: الذهبي، السير، (م. س) ج9 ص 454 - 469] وذلك لما ذكرنا وكان من أوسع من جمع المغازي والسير. وتساهلهم في قبول الرواية التاريخية يكاد يماثل تساهلهم في قبول رواية الأخلاق والفضائل حتى قال أحمد بن حنبل: (إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام شددنا في الأسانيد وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد) [الخطيب، الكفاية، (م، س) ص 134].

ومن توجه إلى جمع " السيرة الصحيحة " من المعاصرين لم يستطع أن يلتزم بـ " الصحيح" و " الحسن" بالاصطلاح الحديثي؛ لأن الأخبار الموجودة بهذه "الدرجة " لا تغطي جوانب السيرة الكاملة كما هي في سيرة ابن هشام وغيره ومن ثم كان لا غناء لكتّاب السيرة عن كتب المغازي والتي فيها أخبار قد تخلو من الأسانيد أصلاً.

أما الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية فهي لا تتعدى بضع عشرات من الآيات وهي في مجملها تتحدث عن المغازي (كبدر، وأحد، وحنين، والعسرة ... ) ونحو ذلك من البيعة ونشأة الرسول وغير ذلك، وهي مع ذلك تمتاز بالإيجاز الشديد، ويعود ذلك إلى الفارق بين الصياغة الأدبية التي امتاز بها القرآن والصياغة التاريخية، بالإضافة إلى أن القرآن يكتفي بالقدر الذي يحقق العبرة والعظة. [من هنا نجد أن سيرة د. محمد أبي شهبة التي عنونها بـ " السيرة النبوية من القرآن والسنة " ليست دقيقة لأنها لم تختلف كثيرًا عن كتب السير المعروفة وإن كان اعتنى بنكر الآيات، ولو طبق ما التزمه في العنوان لكتانت سيرته أصغر مما هي عليه الآن].

6 - مناهج المستشرقين في كتابة السيرة:

إن الكلام على مناهج المستشرقين يقتضي تتبع كتاباتهم وتحليلها والتدليل على ذلك بالنقولات عنهم وهو ما يحتاج إلى مطولات، لكن حسبنا أن نسجل هنا بعض الملحوظات المنهجية على دراسات المستشرقين ثم نحاول أن نشير إلى أصول مناهجهم على وجه الإجمال [سنستعين ببعض أقوال المستشرقين مما نقله د. ساسي في كتابه " الظاهرة الاستشراقية " المشار إليه لاحقًا وذلك للتدليل على ما نذهب إليه]

1 - إن المستشرقين الذين يكتبون عن الإسلام ونبيه لا يمثلون اتجاهًا واحدًا وإن كان ثمة تقاطعات بينهم لأنهم أبناء ثقافة واحدة تختلف جذريًا عن حضارة الإسلام وثقافته، ولذلك من العسير على المستشرق أن يدرك أثر الفكرة الدينية وحركتها في التاريخ وتأثيرها على النفس البشرية كإدراك المسلم " المؤمن " فالمؤرخ غير المسلم يتعامل بتجرد شديد (بمنهج مادي صارم) مع الحدث التاريخي، لكنه يغفل دوافع النفس وكوامنها في خلق الحدث وتوجيهه، لأنه يتعامل مع حدث غريب عنه، ومن ثم فهو لا يتفاعل معه، ولا تخلو تلك الدراسات من حضور طاغٍ لنموذج يقاس عليه هو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير