تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن جُلَّ المستشرقين لا يرون الرسالة المحمدية إلا في سياقها البشري التاريخي ومن ثم يقول واط: " يمكننا فهم القرآن باعتباره مجموعة أفكار قابلة للدراسة في إطارها الاجتماعي والتاريخي " [عن: ساسي، (م. س) ج 3، ص 124] وفي الوقت الذي ينكر عدد من المستشرقين أحداث ثابتة تاريخيًا وفق المنهج الإسلامي، ولا يمكن إنكارها البتة كاسم النبي صلى الله عليه وسلم " محمد " يلجأ كثير من المستشرقين إلى " الانتقائية الظاهرة، ومن ثم وجدنا سبرنجر وهرشفلد ودرمنغم يرون أن اسم النبي الحقيقي هو " قُثَم"!! [انظر درمنغم، حياة محمد، (م. س) ص 12 - 13] معتمدين في ذلك على رواية " ساقطة " ذكرها صاحب السيرة الحلبية في باب " تسمية الرسول ومع أن تلك الرواية تنص على أن جده عدل عن تسمية " قثم " بعد ولادته مباشرة إلى " محمد " يتجاهل المستشرقون هذا ويبنون على تلك الرواية أغرب النتائج. يقول درمنغم: " إن الاسم الأصلي للنبي هو قُثَم فلم يلبث هذا الاسم أن عُدِل عنه بعد ولادته بوقت قصير، أو حين بعثته، إلى محمد الذي هو لقب نبوي أكثر من أن يكون اسمًا " [درمنغم، حياة محمد، (م. س) ص 12].

وفي هذا - كما هو ظاهر - تجاهل شديد لأساسيات منهج النقد التاريخي والحديثي معًا حيث تم تجاهل الثابت يقينًا على مدى قرون في سبيل إثبات خبر غريب رفضه كل علماء المسلمين أنفسهم!

وفي حين يتفق جميع المؤرخين المسلمين على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمارس أي لون من ألوان العبادة السائدة في قومه يذهب رودنسون مستندًا إلى " رواية ناردة " - - على حد تعبيره - إلى أنه أهدى لحمًا كان قد تقرب به لبعض الأصنام .. [انظر كلام رودنسون في: ساسي، الظاهرة، (م. س) ج3، ص 93].

إن كل الدراسات الاستشراقية (باستثناء عدد قليل ممن أقرّ بالنبوة) تتعامل مع شخص " النبي " باعتباره " إنسانًا " وحسب، ومن ثم تمت دراسته بمناهج مفعمة " بالوضعية " فتعاليمه هي " مشاريع " أنتجتها البيئة وكانت " آلام " محمد " الإنسان" هي الحافز لذلك " الخيال " الخلاَّق الذي أبدع تلك " الشاريع "، ما " المعجزات " إلا نتاج ذلك الخيال " الصادق " - وفق بعضهم - أو " الكاذب" عند آخرين، ومن ثم وجدنا غير واحد يعتمد منهج التحليل النفسي الذي وضع أسسه فرويد لتحليل شخصية " محمد " مبدع تلك المشاريع. ونحن هنا - بالطبع - نستبعد تلك الأطروحات الاستشراقية الغارقة في حُمَّى "المذهبية " والتي لم تتورع عن وصف النبي بأسوأ الأوصاف وفي هذا يقول مونتغمري واط: "إنه ليس هناك شخصية كبيرة في التاريخ حُطَّ من قدرها في الغرب كمحمد، فالكتّ‍اب الغربيون أظهروا ميلهم لتصديق أسوأ الأمور عنه " [نقله: ساسي، الظاهرة، ج3، ص 120]

ويحسن بي أن أختم الكلام على منهج المستشرقين بتقييم نقدي إجمالي لدراسات المستشرقين يطرحه درمنغم إذ يقول: " ومن المؤسف حقًا أن غالى بعض هؤلاء المتخصصين في النقد أحيانًا فلم تُزل كتبهم رسمًا، وكانت عامل هدم على الخصوص … ومن المحزن ألا تزال النتائج التي انتهى إليها المستشرقون سلبية ناقصة ولن تقوم سيرة على النفي ... ومن دواعي الأسف أن كان الأب لا منس الذي هو من أفضل المستشرقين المعاصرين، ومن أشدهم تعصبًا وأن شوّه كتبه الرائعة الدقيقة وأفسدها بكرهه للإسلام ونبي الإسلام فعند هذا العالم اليسوعي - الذي أفرط في النقد فوجّه آخرون مثله إلى النصرانية - أن الحديث إذا وافق القرآن كان منقولاً عن القرآن فلا أدري كيف يمكن تأليف التاريخ إذا اقتضى تطابق الدليلين تهادمهما بحكم الضرورة بدلاً من أن يؤيد أحدهما الآخر؟!)) [درمنغم، حياة محمد، (م. س) ص 10 - 11]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير