تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والواقع أن كل هذه المضافات إلى رسم كلمات المصحف فوق أنها والله سبحانه وتعالى أعلم وسائل إيضاح كما تقدم، اجتلبت من أجل خدمة النص القرآنى، تؤدى فى الوقت نفسه خدمة جليلة لمعانى المفردات والتراكيب القرآنية. وقد أشرنا من قبل إلى مهمات النقط فوق أو تحت الحروف، وعلامات الضبط الأربع: الفتحة والضمة والكسرة والسكون، فوق أو تحت رسم الكلمات.

ونسوق الآن تمثيلاً سريعًا للمهام الجليلة التى تؤديها علامات الوقف، التى توضع فوق نهايات الكلمات التى يُوْقَفُ عليها أو لا يُوقف:

قوله تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هوصلى، وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير).

نرى العلامة (صلى) فوق حرف الواو فى كلمة " هو " وهى ترمز إلى أن الوقف على هذه الكلمة " هو " جائز ووصلها بما بعدها وهو " وإن يمسسك " جائز كذلك إلا أن الوصل، وهو هنا تلاوة الآية كلها دفعة واحدة بلا توقف، أولى من الوقف.

والسبب فى جواز الوقف والوصل هنا أن كلاً من الكلامين معناه تام يحسن السكوت عليه، وكذلك يحسن وصله بما بعده لأنهما كلامان بينهما تناسب وثيق، ومن حيث البناء التركيبى، هما شرط " إنْ "، وفِعْلا الشرط فيهما فعل مضارع، وهما فعل واحد تكرر فى شرطى الكلامين " يمسسك " والفاعل هو " الله " فيهما. الأول اسم ظاهر، والثانى ضمير عائد عليه، أما كون الوصل أولى من الوقف، فلأن التناسب بين الكلامين أقوى من التباين لفظًا ومعنى، مع ملاحظة أن جواز الوقف يتيح لقارئ القرآن نفحة من راحة الصمت، ثم يبدأ رحلة التلاوة بعدها وقوله تعالى: (قل ربى أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل قلى فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرًا).

علامة الوقف (قلى) موضوعة فوق اللام الثانية من كلمة "قليل" وترمز إلى جواز الوصل والوقف على كلمة " قليل " وأن الوقف عليها أولى من وصلها بما بعدها، وفى الوقف راحة لنفس القارئ كما تقدم.

وجواز الوقف لتمام المعنى فى الجزء الأول من الآية.

وجواز الوصل، فلأن الجزء الثانى من الكلام مفرع ومرتب على الجزء الأول.

أما كون الوقف على كلمة " قليل " أولى فى هذه الآية فلأن ما قبلها جملتان خبريتان، وهما واقعتان مقول القول لقوله تعالى: (قل ربى .. ).

أما جملة " فلا تمار فيهم " فهى جملة إنشائية فيها نهى عن الجدال فى شأن أهل الكهف كم كان عددهم والكلام الإنشائى مباين للكلام الخبرى. إذن فالكلامان غير متجانسين. هذه واحدة.

أما الثانية فإن " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرًا ولا تستفت فيهم منهم أحدًا "، غير داخل فى مقول القول الذى أشرنا إليه قبلاً.

وهذان الملحظان أحدثا تباعدًا ما بين الكلامين لذلك كان الوقف أولى، إلماحًا إلى ذلك التباين بين الكلامين. والوقف هو القطع بين كلامين بالسكوت لحظة بين نهاية الكلام الأول، وبداية الكلام الثانى، وله شأن عظيم فى تلاوة القرآن الكريم، من حيث الألفاظ (الأداء الصوتى) ومن حيث تذوق المعانى وخدمتها، وقوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منهج ذلك من آيات الله).

علامة الوقف (ج) موضوعة فوق " الهاء " نهاية كلمة " منه " وترمز إلى جواز الوقف على " منه " وعلى جواز وصله بما بعده " ذلك من آيات الله " وهذا الجواز مستوى الطرفين، لا يترجح فيه الوقف على الوصل، ولا الوصل على الوقف. وهذا راجع إلى المعنى المدلول عليه بجزئى الكلام، جزء ما بعد " منه " وجزء ما قبله.

وذلك لأن ما قبل " منه " كلام خبرى لا إنشائى وكذلك ما بعدها " ذلك من آيات الله .. " فهما إذن متجانسان.

والوقف مناسب جدًا لطول الكلام قبل كلمة " منه " وفى الوقف راحة للنفس، والراحة تساعد على إتقان التلاوة.

والوصل مناسب جدًا من حيث المعنى؛ لأن قوله تعالى: " ذلك من آيات الله " تركيب واقع موقع " الخبر " عما ذكره الله عز وجل من أوضاع أهل الكهف فى طلوع الشمس وغروبها عنهم.

وقوله تعالى: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبينلا يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة .. ).

علامة الوقف (لا) موضوعة على " النون " نهاية كلمة "طيبين" ترمز إلى أن الوقف على " طيبين " ممنوع.

والسبب فى هذا المنع أن جملة " يقولون " وهى التالية لكلمة "طيبين" حال من " الملائكة " وهم فاعل " تتوفاهم ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير