تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما " طيبين " فهى حال من الضمير المنصوب على المفعولية للفعل " تتوفاهم " وهو ضمير الجماعة الغائبين " هم " ولو جاز الوقف على " طيبين " لحدث فاصل زمنى بين جملة الحال " يقولون " وبين صاحب الحال " الملائكة " ولم تدع إلى هذا الفعل ضرورة بيانية.

لذلك كان الوقف على " طيبين " ممنوعًا لئلا يؤدى إلى قطع "الحال" وهو وصف، عن صاحبه " الملائكة " وهو الموصوف. وهذا لا يجوز بلاغة؛ فمنع الوقف هنا كان سببه الوفاء بحق المعنى، ومجىء الحال هنا جملة فعلية فعلها مضارع يفيد وقوع الحدث بالحال والاستقبال مراعاة لمقتضى الحال؛ لأن الملائكة تقول هذا الكلام لمن تتوفاهم من الصالحين فى كل وقت لأن الموت لم ولن يتوقف.

وقوله تعالى: (إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولدم له ما فى السماوات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا).

علامة الوقف (م) موضوعة على حرف الدال من كلمة " ولد " للدلالة على لزوم الوقف على هذه الكلمة " ولد " وامتناع وصلها بما بعدها وهو: " له ما فى السماوات وما فى الأرض ".

وإنما كان الوقف، هنا لازمًا لأن هذا الوقف سيترتب عليه صحة المعنى وليمتنع إيهام غير صحته أما وصله بما بعده فيترتب عليه إيهام فساد المعنى.

بيان ذلك أن الوصل لو حدث لأوهم أن قوله تعالى: " له ما فى السماوات وما فى الأرض " وصف ل " الولد " المنفى، أى ليس لله ولد، له ما فى السماوات والأرض، وهذا لا يمنع أن يكون لله سبحانه ولد ولكن ليس له ما فى السماوات والأرض؟! وهذا باطل قطعًا.

أما عندما يقف القارئ على كلمة " ولد " ثم يستأنف التلاوة من " له ما فى السماوات وما فى الأرض " فيمتنع أن يكون هذا الوصف للولد المنفى، ويتعين أن يكون لله عز وجل، وهذا ناتج عن قطع التلاوة عند " ولد " أى بالفاصل الزمنى بين تلاوة ما قبل علامة الوقف " لا " وما بعدها حتى آخر الآية.

فأنت ترى أن الوقف هنا يؤدى خدمة جليلة للمعنى المراد من الآية الكريمة. ومثله قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهمم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).

علامة الوقف (م) موضوعة فوق الميم من كلمة " همم " للدلالة على لزوم الوقف عليها، وامتناع وصلها بما بعدها، وهو " الذين خسروا أنفسهم ".

وسر ذلك اللزوم؛ أن الوصل يوهم معنى فاسدًا غير مراد، لأنه سيترتب عليه أن يكون قوله تعالى: " الذين خسروا أنفسهم " وصفًا ل " أبناءهم " وهذا غير مراد، بل المراد ما هو أعم من "أبناءهم" وهم الذين خسروا أنفسهم فى كل زمان ومكان. فهو حكم عام فى الذين خسروا أنفسهم، وليس خاصًا بأبناء الذين آتاهم الله الكتاب.

هذه هى علامات الوقف، وتلك هى نماذج من المعانى الحكيمة التى تؤديها، أو جاءت رامزة إليها، وبقيت حقيقة مهمة، لابد من الإشارة إليها.

إن خصوم القرآن يعتبرون علامات الوقف تعديلاً أُدْخِل على القرآن، بعد عصر النزول وعصر الخلفاء الراشدين.

وهذا وهم كبير وقعوا فيه، لأن هذه العلامات وغيرها ليست هى التى أوجدت المعانى التى أشرنا إلى نماذج منها، فهذه المعانى التى يدل عليها الوقف سواء كان جائز الطرفين، أو الوقف أولى من الوصل أو الوصل أولى من الوقف، أو الوقف اللازم أو الوقف الممنوع. هذه المعانى من حقائق التنزيل وكانت ملحوظة منذ كان القرآن ينزل، وكان حفاظ القرآن وتالوه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطبقونها فى تلاوتهم للقرآن، قبل أن يُدوَّن

القرآن فى " المصحف " هذا هو الحق الذى ينبغى أن يكون معروفًا للجميع، أما وضع هذه العلامات فى عصر التابعين فجاءت عونًا لغير العارفين بآداب تلاوة القرآن، دون أن تكون بشكلها جزءا من التنزيل.

تنسيق المصحف:

نعنى ب: تنسيق المصحف " الفواصل بين سوره ب: " بسم الله الرحمن الرحيم " وترقيم آيات كل سورة داخل دوائر فاصلة بين الآيات، ووضع خطوط رأسية تحت مواضع السجود فى آيات القرآن، ثم الألقاب التى أطلقت على مقادير محددة من الآيات مثل:

الربع الحزب الجزء. لأن هذه الأعمال إجراءات بشرية خالصة أُلْحِق بعضها بسطور المصحف، وهو ترقيم الآيات وَوُضِع بعضها تحتها، كعلامات السجود فى أثناء التلاوة.

أما ماعدا هذين فهى إجراءات اعتبارية عقلية، تدل عليها عبارات موضوعة خارج إطار أو سُور الآيات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير