تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وليس فى هذا مطعن لطاعن؛ لأنّاَ نقول كما قلنا فى نظائره من قبل إنها وسائل إيضاح وتوجيه لقرَّاء القرآن الكريم توضع خارج كلمات الوحى لا فى متونها، وتؤدى خدمة جليلة للنص المقدس مقروءاً أو متْلُوًّا.

ولا يدعى مسلم أنها لها قداسة النص الإلهى، أو أنها نازلة من السماء بطريق الوحى الأمين.

والمستشرقون الذين يشاركون المبشرين فى تَصيُّد التهم للقرآن، ينهجون هذا النهج " التنسيقى " فى أعمالهم العلمية والفكرية، وبخاصة فى تحقيق النصوص فيضعون الهوامش والملاحق والفهارس الفنية لكل

ما يقومون بتحقيقه من نصوص التراث. ولهم مهارة فائقة فى هذا المجال، ولم نر واحدًا منهم ينسب هذه الأعمال الإضافية إلى مؤلف النص نفسه، كما لم نر أحدًا منهم عدَّ هذه الإضافات تعديلاً أو تحريفًا أو تغييرًا للنص الذى قام هو بتحقيقه وخدمته.

بل إنه يعد هذه الأعمال الإضافية وسائل إيضاح للنص المحقق. وتيسيرات مهمة للقراء.

وهذا هو الشأن فى عمل السلف رضى الله عنهم فى تنسيق المصحف الشريف، وهو تنسيق لا مساس له ب " قدسية الآيات " لأنها وضعت فى المصحف على الصورة التى رُسِمَتْ بها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تاريخ القرآن

هذا هو تاريخ القرآن، منذ نزلت أول سورة منه، إلى آخر آية نزلت منه، كان كتابًا محفوظا فى الصدور، متلوًّا بالألسنة، مسطورًا على الرقاع، ثم مجموعًا فى مصاحف، لم يخضع لعوامل محو وقرض، ولا آفات ضياع، وضعته الأمة فى " أعينها " منذ نَزَلَ فلم يضل عنها أو يغب، ولم تضل هى عنه أو تغب، تعرف مصادره وموارده، على مدى عمره الطويل، تعرفه كما تعرف أبناءها، بلا زيغ ولا اشتباه.

هذا هو تاريخ القرآن، وضعناه وضعًا موجزًا، لكنه مُلِمٌّ بمعالم الرحلة، كاشفًا عن أسرارها. وضعناه لنقول لخصوم القرآن والإسلام:

هل فى تاريخ القرآن ما يدعو إلى الارتياب فيه، أو نزع الثقة عنه؟

وهل أصاب آياته المحكمة خلل أو اضطراب؟

وهل رأيتموه غاب لحظة عن الأمة، أو الأمة غابت عنه لحظة؟

وهل رأيتم فيه جهلاً بمصدره ونشأته وتطور مراحل جمعه وتدوينه؟ أو رأيتم فى آياته تغييرًا أو تبديلاً؟

تلك هى بضاعتنا عرضناها فى سوق العرض والطلب غير خائفين أن يظهر فيها غش أو رداءة، أو تصاب ببوار أو كساد من منافس يناصبها العداء.

هذا هو ما عندنا. فما هو الذى عندكم من تاريخ الكتاب المقدس بعهديه.

القديم (التوراة) التى بين أيدى اليهود الآن، والجديد (الأناجيل) التى بين أيدى النصارى الآن.

ما الذى تعرض له الكتاب المقدس فى تاريخه الأول المقابل لفترة تاريخ القرآن، التى فرغنا من عرضها؟

تعالوا معنا نفحص تلك الفترة من تاريخ الكتاب المقدس فى رحلته المبكرة:

مولد التوراة وتطورها:

يضطرب أهل الكتاب عامة، واليهود خاصة حول تاريخ التوراة (مولدها وتطورها) اضطرابًا واسع المدى ويختلفون حولها اختلافًا يذهبون فيه من النقيض إلى النقيض، ولهذا عرضوا لتاريخ القرآن بالطعن والتجريح ليكون هو والتوراة سواسية فى فقد الثقة بهما، أو على الأقل ليُحرجوا المسلمين بأنهم لا يملكون قرآنًا مصونًا من كل ما يمس قدسيته وسلامته من التحريف والتبديل. وقد عرضنا من قبل تاريخ القرآن، وها نحن نعرض تاريخ التوراة حسبما هو فى كتابات أهل الكتاب أنفسهم، مقارنًا بما سبق من حقائق تاريخ القرآن الأمين.

الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد تتعلق به آفتان قاتلتان منذ وجد، وإلى هذه اللحظة التى نعيش فيها:

آفة تتعلق بتاريخه متى ولد، وعلى يد من ولد، وكيف ولد، ثم ما هو محتوى الكتاب المقدس؟ وهل هو كلام الله، أم كلام آخرين؟.

والمهم فى الموضوع أن هذا الغموض فى تاريخ الكتاب المقدس لم يثره المسلمون، بل أعلنه أهل الكتاب أنفسهم يهودًا أو نصارى ممن اتسموا بالشجاعة، وحرية الرأى، والاعتراف الخالص بصعوبة المشكلات التى أحاطت بالكتاب المقدس، مع الإشارة إلى استعصائها على الحلول، مع بقاء اليهودية والنصرانية كما هما.ومعنى العهد عند أهل الكتاب هو " الميثاق " والعهد القديم عندهم هو ميثاق أخذه الله على اليهود فى عصر موسى عليه السلام، والعهد الجديد ميثاق أخذه فى عصر عيسى عليه السلام.

والمشكلتان اللتان أحاطتا بالكتاب المقدس يمكن إيجازهما فى الآتى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير