تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول سعيد يقطين في كتابه " انفتاح النص الروائي، النص و السياق "، و هو يتحدث عن رولان بارت في دراستين ل (بارت) حول " النص و نظريته":

" في الأولى يبدأ (بارت) أولا بالتساؤل عن النص بمعناه الشائع، مسجلا أنه: السطح الظاهري لنسيج الكلمات المستعملة و الموظفة فيه بشكل يفرض معنى ثابتا و واحدا إلى حد بعيد. وهذا السطح قابل للإدراك بصريا من خلال عملية الكتابة التي تجعل منه موضوعا مؤسسيا يتصل تاريخيا بالقانون و الدين و الأدب ... ".

و يقول يقطين عن تصوره للنص في كتابه المذكور: " النص بنية تنتجها ذات (فردية أو جماعية)، ضمن بنية نصية منتجة، و في إطار بنيات ثقافية و اجتماعية محددة"

أظن، والله أعلم، أن معنى " النص" أبسط و أعقد بكثير في آن واحد مما يظنه (بارت)، ولكن كيف؟

سأحكي قصة صغيرة للقارئ، على سبيل المثل، قصة من واقع الإنسان القارئ، تقول:

" في زمن يدعى (زمن الظواهر و المظاهر) عاش رجل اسمه " القارئ الأخير". كان يحلم بقراءة أكبر عدد ممكن من الروايات ليبحث عن معنى الحياة في كلمة واحدة، لكن انشغاله بجمع المال لم يتح له فرصة فعل ما يريد. وبعد أن جنى ثروة طائلة من الأموال؛ فكر ذات يوم بطريقة يشجع فيها الناس على القراءة و حب القراءة، وصار يحلم بقارئ يظهر يوما ما، قارئ خاص و عبقري يستطيع أن يقرأ رواية ما ويلخص له " معناها " في كلمة واحدة؛ و بذلك يشجع القراءة و يعوض نفسه قراءة عشرات الروايات؛ ليصل إلى معنى الحياة. رأى أن أفضل طريقة هي أن يضع جائزة نقدية فالجميع يركض نحو النقود، و اختار لجنة للجائزة مكونة من أشهر نقاد عصره، أخبرهم بما يريد، و أخبرهم أيضا أن هذه المسابقة تحتوى على لعبة تحدى، وهي أن تختار اللجنة رواية أصعب من سابقتها؛ إلى أن يعجز القراء عن فك لغز هذه اللعبة، وبعدها يقام حفل نهائي ينهى هذه اللعبة / المسابقة. فاز بالجائزة عشرات القراء، حتى اشتهر أمر هذه المسابقة وأمر صاحبها. جاءت لحظة الإثارة التي انتظرها " القارئ الأخير" راعى الجائزة لفترة طويلة حين لم يتقدم للرواية الأخيرة أي قارئ متسابق، أعلن في الصحف و مددت المسابقة شهرا كاملا، دون أن يتقدم أحد، فقرر " القارئ الأخير " انتهاء اللعبة، دون أن يظهر القارئ العبقري. كانت حفلات تسليم الجائزة السابقة تختتم بعد أن تقرأ لجنة التحكيم مقاطع سريعة من الرواية للمشاهدين و الحضور، ثم تعلن كلمة المعني / الحل، وبعدها يعلن اسم القارئ الفائز/ المنتصر؛ ليعتلى " منصة " التكريم ثم يستلم جائزته، أمام جمع من المشاهدين، من يد راعي الجائزة. أما هذا الحفل الختامي فقد أقتصر على أن تقرأ اللجنة مقاطع سريعة من الرواية، ثم تتلو بيانا تعلن فيه انتهاء لعبة هذه المسابقة دون أن يظهر القارئ الخطير العبقري، مع تعليق الإفصاح عن كلمة المعنى. و بعد أن فرغت اللجنة من قراءة تلك المقاطع من الرواية الأخيرة، دوت صرخة غريبة في جانب القاعة و اختلطت مع الصوت الحاد لتصفيق الحضور؛ و إذا برجل يركض نحو منصة التكريم وهو يصرخ ملوحا بيديه في كل اتجاه و يردد قائلا: (أنا أعرف الكلمة " المعنى" .. أنا استحق الجائزة). و وسط ذهول الحضور التقط الرجل الميكرفون و قال: (أنا أعرفها ... أنها كلمة " الظاهر"). و انتقل الذهول إلى أعين الحضور حين رأوا أعضاء اللجنة ينظرون لبعضهم البعض و يتهامسون، ثم سقطت أفواههم بين أيديهم حين تبين لهم أن ذلك الرجل كان موظف الأمن، ذلك الوقور الهادئ الواقف دوما عند باب دخول القاعة طوال تلك المسابقات السابقة، وضجت القاعة بالتساؤل حين تناقلت الآذان همسات تقول: هو ر جل أمي، لا يعرف القراءة و لا الكتابة بتاتا، ولكن كيف عرف الكلمة/ المعنى؟!.

لكن موجة التصفيق ارتفعت مرة أخرى و بددت شيئا من ذاك الذهول؛ حين فاق صاحب الجائزة من دهشته؛ ليعلن في الحضور أنه قرر في هذه المرة أن يضاعف مبلغ الجائزة إلى عشرة أضعاف، و طلب أن يقف الجميع احتراما للقارئ العبقري الفائز وهو يقف مبهورا على منصة التكريم".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير