في نفس السياق نعرف من خلال أقدم ما دُوِّن حول جمع القرآن في خلافة أبي بكر أنه لم يكن هناك أي تمييز بين ما كتب من القرآن تحت إمرة محمد أو غيره من المصادر و لا شيء يوحي بأن زيدا اعتمد على الأول دون الثاني. كما سنرى لاحقا هذه تفاسير حديثة العهد نسبيا الغرض منها التأكيد على أن القرآن جمع في ظروف مثالية لكنها لا ترتكز على أية نصوص قديمة و أصيلة للبرهنة على مزاعمها.
هناك حكايات مفادها أنه كلما نزل شيء من القرآن كان محمد يطلب من كتابه و من بينهم زيد أن يكتبوه (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن 4606 على سبيل المثال)
{حدثنا عبيدالله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال لما نزلت (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) (والمجاهدون في سبيل الله) قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ادع لي زيدا وليجئ باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة ثم قال اكتب (لا يستوي القاعدون) وخلف ظهر النبي صلى اللهم عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم الأعمى قال يا رسول الله فما تأمرني فإني رجل ضرير البصر فنزلت مكانها (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) (والمجاهدون في سبيل الله) (غير أولي الضرر)}
لكن لا شيء يؤكد أن القرآن كان مجموعا بأكمله في بيته. هناك أيضا روايات عديدة في كتاب المصاحف لابن أبي داود تشير إلى أن أبا بكر كان أول من قام بتدوين القرآن نذكر من بينها: "حدثنا عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن حفص قال حدثنا خلاد قال حدثنا سفيان عن السدى عن عبد خير عن علي قال: رحمة الله على ابي بكر كان أعظم الناس أجرا في جمع المصاحف‚ و هو أول من جمع بين اللوحين. " (كتاب المصاحف‚ ص 5). هنا أيضا نجد أدلة قوية على أن أشخاصا آخرين سبقوا أبا بكر لجمع القرآن في مصحف واحد:
"عن بن بريدة قال: أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حديفة" (السيوطي - الإتقان في علوم القرآن). سالم هذا كان من بين أربعة رجال أمر محمد أصحابه أن يأخذوا القرآن عنهم (صحيح البخاري-كتاب فضائل القرآن 4615 و كتاب المناقب 3524) و {حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن إبراهيم عن مسروق ذكر عبدالله بن عمرو عبدالله بن مسعود فقال لا أزال أحبه سمعت النبي صلى اللهم عليه وسلم يقول خذوا القرآن من أربعة من عبدالله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب} كان من القرأء الذين قتلوا في معركة اليمامة. بما أن أبا بكر لم يأمر بجمع القرآن إلا بعد هذه المعركة فمن البديهي إذا أن سالما سبق زيد بن ثابت لجمع القرآن.
ها هو الفصل الثاني من الكتاب و بانتظار تعليقاتكم. و أرجو ألا أكون قد تسرعت.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2004, 11:13 ص]ـ
أخي الكريم /د. هشام
أود أن أقترح لهذا الموضوع اقتراحا لعله أن يكون أنفع لمتابعة الموضوعات التي ستطرحونها، وهو كالآتي:
ـ تقسم موضوعات الكتاب على مشاركات مستقلة
ـ ويكون لكل مشاركة عنوان مستقل تذكر فيه صفحات الكتاب المنقود، وعنوان الكلام المنقود، مثلاً:
يكون عنوان المشاركة الأولى: (1) مقدمة كتاب جمع القرآن (ص1 ـ ص7)
ويكون عنوان المشاركة الثاني: (2) جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (ص 8 ـ 13)
وهكذا تكون المشاركة في كل موضوع مستقلة، ولا تتداخل المشاركات فيما لو أراد مشارك أن يشارك في التعليق على المقدمة، وجزاكم الله خيرًا.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Apr 2004, 01:41 م]ـ
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فأرجو الصبر على أفراد هذا الملتقى، وليكن مشروعك طويل الأجل، وإني لأشكرك على حرصك، وأدعو نفسي والإخوة إلى المشاركة في هذا الموضوع، ولو تكرَّر الردُّ.
كما أدعو بأن لا يحقر الإنسان نفسه في التعبير عن فهمه لما يُطرح وردِّه عليه، فلربما ألهمه الله ووفقه لما لم يوفِّق إليه غيره.
وأتمنى الاستفادة من كتاب جمع القرآن لمحمد شرعي أبو زيد على هذا الرابط
http://www.khayma.com/sharii/
فإنه سيفيد جدُّا في نقد كلام المستشرق.
وأتمنى من الإخوة الذين عندهم قدرة نقدية أن يشاركوا في النقد، والله يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.
¥