تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فكما تدرج خلق الإنسان الأول - آدم - من التراب. . إلى الطين. . إلى الحمأ المسنون. . إلى الصلصال. . حتى نفخ الله فيه من روحه. . كذلك تدرج خلق السلالة و الذرية. . بدءاً من (النطفة) - التي هي الماء الصافي - و يعبر بها عن ماء الرجل - (المني) -. . إلى (العلقة) - التي هي الدم الجامد، الذي يكون منه الولد، لأنه يعلق و يتعلق بجدار الرحم. . إلى (المضغة) - و هي قطعة اللحم التي لم تنضح، و المماثلة لما يمضغ بالفم -. . إلى (العظام). . إلى (اللحم) الذي يكسو العظام. . إلى (الخلق الاخر) الذي اصبح - بقدرة الله - في أحسن تقويم (3).

و من الآيات التي تحدثت عن توالي و تكامل هذه المراحل في خلق و تكوين نسل الإنسان الأول و سلالته، قول الله، سبحانه و تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (الحج: 5).

و قوله، سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون: 12 - 14).

و إذا كانت (النطفة) هي ماء الرجل. . فإنها عندما تختلط بماء المرأة، توصف بأنها (أمشاج) - أي مختلطة - كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان: 2).

كما توصف هذه (النطفة) بأنها (ماء مهين) لقلته و ضعفه. . و إلى ذلك تشير الآيات الكريمة: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة: 7 - 8).

{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} (المرسلات: 20 - 23).

و كذلك، وصفت (النطفة) - أي ماء الرجل - بأنه (دافق) لتدفقه و اندفاعه. . كما جاء في الآية الكريمة: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} (الطارق: 5 - 7).

هكذا عبر القرآن الكريم عن مراحل الخلق. . خلق الإنسان الأول. . و خلق سلالات و ذريا هذا الإنسان. . و هكذا قامت مراحل الخلق، و مصطلحات هذه المراحل، شواهد على الإعجاز العلمي للقرآن الكريم. . عندما جاء العلم الحديث ليصدق على هذه المراحل و مصطلحاتها، حتى لقد انبهر بذلك علماء عظام فاهتدوا إلى الإسلام. .

فكيف يجوز - بعد ذلك و معه - أن يتحدث إنسان عن وجود تناقضات بين هذه المصطلحات. .

لقد صدق الله العظيم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (النساء: 82).


(1) الآيات التي تحدثت عن "الماء المهين" هي في السورة (32: 8) و (77: 20).

(2) انظر معاني المصطلحات الواردة في هذه الآيات في: الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد (المفردات في غريب القرآن) طبعة دار التحرير - القاهرة - سنة 1991م. و (لسان العرب) - لابن منظور - طبعة دار المعارف - القاهرة.

(3) انظر في معاني هذه المصطلحات (المفردات في غريب القرآن) - مصدر سابق.

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[27 May 2004, 04:59 م]ـ
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير