تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كذلك لا يخفى على القارئ أن غرض كل من الفريقين اللذين اشتركا فى تزييف هذا " البهتان الباطل " يتناقض مع غرض الفريق الآخر. وهكذا يأبى الله العلىّ العظيم إلا أن يوقعهم فى شر أعمالهم.

وهذه أولى بركات محمد ودين محمد!

وعلى كل حال فها هم أولاء المؤلفون الأغبياء يكذّبون أنفسهم بأنفسهم إذ يعلنون بملء أفواههم فى القىء المنتن الذى وَسَمُوه بـ " سورة الأنبياء " (ومن أفواههم النجسة ندينهم) قائلين على لسان رب العزة إننا "ما بشَّرْنا بنى إسرائيل برسول يأتى من بعد كلمتنا وما عساه أن يقول بعد أن قلنا كلمة الحق من بعدى وأنزلنا سنة الكمال وبشرنا الناس كافة بدين الحق ولن يجدوا له نَسْخا ولا تبديلا إلى يوم يُبْعَثون ". إذن فليس هناك نبى يمكن أن يجىء بعد عيسى عندهم، وإلا للزمهم أن يؤمنوا بمحمد، الذى زعموا أنه لم تأت به أية بشارة لا فى التوراة ولا فى الإنجيل.

ليس هذا فحسب، بل إن كلمة " الفرقان" نفسها مسروقة من القرآن، لأن كتابهم المقدس بعهديه العتيق والجديد لم ترد فيه هذه الكلمة، وإلا لذكرها " فهرس الموضوعات الكتابية ". فكيف إذن يزعمون أن الله قد أنزل هذا الوحى مع أنه لم يأت به نبى، إذ الوحى لا ينزل هكذا من السماء على غير أحد، اللهم إلا على سُنّة أنبياء آخر زمن من صنف أولئك الأساقفة الذين شرعت أمريكا أم التقاليع والغرائب ترسِّمهم من اللُّوطِيِّين!

لكن ما هى سُنّة أنبياء آخر زمن هؤلاء؟ هى سنّة المومس التى تحمل سفاحا (والمومس لا تحمل بالطبع إلا سفاحا)، ولا تريد أن يطّلع الناس على ورطتها وخزيها، فعندما يَئِين الأوان ويحلّ موعد الوضع تراها تلف الطفل المسكين الذى لا ذنب له فيما اقترفته يدها الأثيمة فى خرقة وتأتى به فى ظلام الليل الدامس إلى باب معبد من المعابد فتتركه هناك أو تلقيه قرب أحد صناديق القمامة، ثم تنصرف وترقب الموقف من بعيد دون أن يعرف أحد أنها هى صاحبة هذا العار! إنه شُغْل مومسات كما أقول فى بعض كتبى التى أرد فيها على أمثال هؤلاء النُّغُول! إن الأنبياء كانوا دائما ما يأتون فى ضحوة النهار ولا يستترون هكذا فى ألفاف الظلمات المتراكبة المتكاثفة المريبة شأن محترفى اللصوص والقتلة الذين يَلْبِدُون للفريسة المسكينة فى حقل من حقول القصب أو الذرة حتى يأخذوها غيلة وغدرا، ثم بعد أن يرتكبوا جريمتهم الوحشية الخسيسة يعودون لبيوتهم فيمارسون حياتهم لا تُثْقِل ضمائرَهم أيّةٌ من خوالج الندم، إذ قد ماتت قلوبهم وسَوّسَتْ ضمائرهم.

ثم إن الوحى الذى ينزل على الأنبياء لا ينزل دفعة واحدة هكذا بل يتتابع مصاحبا للحوادث والمناسبات التى تجدّ، مما يجعله تجسيدا للتجارب التى خاضها النبى مع قومه، أما هذا " الضلال " فقد صيغ مرة واحدة ثم لُفَّ فى خرقة قذرة نجسة وأُلْقِىَ به عند صندوق قمامة فى سكون الليل البهيم مع انقطاع رِجْل السابلة.

ثم إن ذلك الرِّجْس مخالف فى الواقع لطريقة أهل الكتاب فى تسمية كثير من أسفارهم باسم الأنبياء الذين تُعْزَى إليهم: فهذا سِفْر يشوع، وهذا نشيد الأناشيد لسليمان، وهذه نبوة أَشَعْيا، وهذا إنجيل متى، وهذه رسالة القديس يعقوب، وهذه رؤيا القديس يوحنا ... وهكذا. وعلى ذلك فإننا نتساءل: أين النبى الذى أتى بهذا الضلال؟ ما اسمه يا ترى؟ من أى بلد جاء؟ إلى أى أسرة ينتمى؟ ما صنعته؟ ما سيرته؟ ما أوصافه؟ ما أخلاقه؟ ما رأى الناس فيه؟ ما الذى دار بينه وبين قومه من أخذ ورد؟ ماذا كانت استجابتهم لما أتاهم به أولا ثم آخرا؟ ...

ترى أية نبوة هذه يا إلهى؟

إن القوم لا يحسنون التدليس، وهم برغم ذلك يتصدَّوْن لحرب القرآن ظانّين أنهم قادرون على محوه من النفوس والصحائف على السواء!

يا لهم من مجانين مسعورين!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير