تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نسيانه وخَرَفه أن هذا هو ما يقوله القرآن الكريم فى آية سورة " المائدة " التى سبق الاستشهاد بها قبل قليل، مع فارق مهم هو أن القرآن لا يوجب هذا كما يريد منا مزيفو كتاب " الضلال " بل يكتفى بالحث عليه لمن أراد أن يحرز أجرا عند الله ينفعه يوم القيامة، وهو ما يتمشى مع أوضاع المجتمعات البشرية التى لا تستطيع أن تُمْضِىَ أمرها دون محاكم وعقوبات، وإلا لفسد الأمر وعاث المجرمون من أمثال هؤلاء الملفقين بغيا ونهبا وتقتيلا، إذ ما الذى يردع المجرم عن عدوانه وغَيّه لو أُلْغِيَت العقوبات؟ إن هذا ما يتمناه كل مجرم له فى الإجرام تاريخ عريق. أما المبالغة فى الأمر بالتسامح والتظاهر به وتصوُّر أن البشر قادرون عليه فى كل الأحوال فهو نفاق رخيص. وليست العبرة بمثل هذه المبالغة، بل العبرة أن يكون هناك تشريع يحقق العدل ويأخذ لكل ذى حق حقه مع دعوة الناس إلى الصفح ما أمكن، وهو ما فعله القرآن. أما الكلام الساذج عن إدارة الخد الأيسر لمن يصفعك على خدك الأيمن فهو سذاجة بل بلاهة بل تنطع. وأتحداكم أن تأتوا لى بمن يدعو إلى هذا لأصفعه وأرى ماذا سيفعل! إنه ما من دولة نصرانية تخلو من المحاكم والعقوبات والسجون ... إلخ مما هو موجود فى كل البلاد! بل إن الله نفسه يعاقب الأشرار فى الدنيا والآخرة.

وعلى اعتقادكم فإنه سبحانه لم يسامح البشرَ إلا بعد أن عاقب ابنه عقابا لم نسمع أن أبا طبيعيا عاقبه ابنه، بله أن يكون هذا الابن ابنًا بريئًا بارًّا لم يرتكب ذنبا فى حق أحد! ترى لماذا لم يجر الله على سنة التسامح التى تدعون إليها وتظنون أنكم تتفوقون بها علينا، مع أننا، مهما صدقنا ادعاءاتكم فينا، لم نقترف عشر معشار ما اقترفتموه فى حقنا وفى حق الآخرين من جرائم وفظاعات وحشية؟ فلماذا التساخف إذن لمكايدة المسلمين؟

أما إذا كان الأمر مجرد تنطُّع للمباهاة والسلام، فإنى على استعداد لعظة الأوباش بألا يكتفوا بإدارة الخد الأيسر لمن يصفعهم على الأيمن بل لا بد من إدارة القفا أيضا ليتلقَّوْا عليه ما لذ وطاب من الضرب واللَّطْس ثم إدارة الأرداف كذلك للاستمتاع ببعض الركلات، مع كم لكمةً من اللكمات المنتقاة وكم بَصْقَةً من البَصْق الذى يعجبك كى يكون أجرهم عند الله عظيما فى ملكوت السماوات! وسلِّم لى على التسامح.

لو أنكم كنتم صادقين فى هذه المثالية المتنطعة، فلماذا لا تنسَوْن ما تدَّعون أننا آذيناكم به ولا تزالون حتى الآن تتخذونه ذريعة لسحقنا وسحق أية محاولة منا للنهوض من تخلفنا؟

هذا، ولم ندخل بعد فى حكاية " من أخذ منك رداءك فأعطه أيضا إزارك "، وامش بعد ذلك " بلبوصا " تستعرض على الناس فى الشوارع والمجامع سوأتك وأعضاءك التناسلية والإخراجية، ثم تعال فقابلنى يوم القيامة!

لقد كان من الممكن أن يجوز علينا هذا الكلام لو أننا لم نَخْبُرْكم ونَخْبُر سلوككم وأخلاقكم! أمّا، وقد عرفناكم وكان ماضيكم معنا على مدى قرون زفتًا وقَطِرانا، فكيف يدور فى وهمكم أننا يمكن أن نصدق حرفا مما تقولون؟

وعلى كل حال فهذا هو نَصّ سورة " المائدة " الذى سلف الحديث عنه قبل قليل: " فمن تصدَّقَ به فهو كفّارة له ". أستغفر الله العظيم! رضينا بالله ربًّا، وبالإسلا م دينًا، وبمحمد نبيًّا ورسولا، وتبرَّأْنا من كل دينٍ يخالف دين الإسلام!

ليس ذلك فقط، فالواقع أن هذا الإله إلهٌ هجّاصٌ أيضا. ذلك أنه يزعم أنه قد أيّد هذا " الضلال المبين " بالمعجزات حسبما جاء فى الفقرتين الرابعة والخامسة من " سورة المعجزات ". فأين تلك المعجزات يا ترى؟ أفتونى بعلم أيها العقلاء! إن النبى الكذاب الضَّلاِلىّ صاحب هذا الكتاب لم يجرؤ على الظهور للناس الذين يزعم أنه أُرسل إليهم، فكيف يمكن أن يكون قد أتى بمعجزات أراناها فصدّقْنا به وبها، ونحن لم نتشرف أصلا بطلعته الغبية؟ إنه يعرف تمام المعرفة أنه لو فقد عقله وأرانا خلقته فليس له عندنا إلا البراطيش ننهال بها على وجهه السمج حتى تتورم خدود العِلْج الزنيم فى عَلْقَة لم يأكل مثلَها حمارٌ فى مَطْلع أو حرامىٌّ فى جامع!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير