تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفى تلك السورة نفسها نقرأ هذا الكلام العجيب الذى لا يمكن أن يصدر عن أمّىّ، بله رب العالمين الذى خلق العقل والبيان، فلا يُعْقَل من ثم أن يَتَدَهْدَى لهذا الدَّرْك الأسفل من العِىّ والفَهَاهة واللامنطق، إذ جاء فى الفقرة الثامنة منها وصفًا ل " الضلال المبين " الذى يسمونه كذبًا ومَيْنًا بـ " الفرقان الحق ": " صِنْو الإنجيل ورَجْع الصَّدَى وبيان للناس كافة وتذكرة للكافرين ونور ورحمة وبشير ونذير وهدى للضالين لعلهم يتذكرون ويهتدون ". ترى كيف يكون بشيرا للضالين؟ إن البشارة إنما تكون للمهتدين لا للضالين. لكن من أين يأتى لمخترع هذا " الضلالِ " المنطقُ والبيانُ " وقد طمس الله على بصيرة المزيِّف الدجال؟

ثم إنه، بسلامته، قد حسم الأمر بالنسبة لنا نحن المسلمين ورمانا، فى الفقرة الثالثة من " سورة المنافقين "، فى سَقَر، إذ قال: " وأوردكم جهنم جميعا وإنْ منكم إلا واردها وكان عليه أمرا مقضيا كما أنه يقول فى الفقرة السادسة منها عنا: " وطبع الشيطان على قلوبكم وسمعكم وأبصاركم فأنتم قوم لا تفقهون. لا جَرَمَ أنكم فى الآخرة أنتم الخاسرون ". فكيف يجىء بعد ذلك ويتكلم عن الهداية؟ والعجيب أنه رغم هذا يعود فى هذه السورة ذاتها فى الفقرة الثامنة قائلا: " يُلْقِى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم يهتدون كلما أوقدوا نار الكفر أطفأناها ويسعَوْن فى الأرض فسادًا فوَيْلٌ للمفسدين "، مشيرا إلى أنه سوف يأتى علينا يوم نهتدى فيه، أى نتخلى عن توحيدنا لصالح التثليث الوثنى الذى نفض معظم الناس عندهم فى الغرب أيديهم منه. فكيف يريد هؤلاء المجانين منا أن نأكل ما رماه الغربيون فى صندوق القمامة منذ قرون؟ إن المجرمين يتخبطون فى المصيدة التى ساقهم بغضهم وكيدهم لمحمد إليها غير مستطيعين التخلص من ورطتهم.

وتعالَوْا ننظر أيضا فى هذا الاضطراب العقلى الذى تعكسه الفقرة حيث نقرأ أننا نحن المسلمين كلما أوقدنا نار الكفر أطفأها الله سبحانه. فها نحن أولاء، من وجهة نظر هذا الإله المخبول، نشعل نار الكفر منذ أربعة عشر قرنا، فلِمَ لَمْ يطفئها؟ أم سيقال إن عمال المطافئ الذين يشتغلون عنده كانوا مضربين طوال هاتيك القرون عن العمل أو إن أمريكا ضاربةٌ من يومها على مملكته حصارا اقتصاديا يشمل قطع الغيار الخاصة بعربات المطافئ، فلذلك لا يستطيع تشغيلها بل تقف فى مكانها لا تَرِيم كقطعة الخردة؟

ثم إنه فى الآية الثالثة عشرة من نفس السورة يعود فيقول: " يا أيها الذين آمنوا من عبادنا (المقصود هنا النصارى، وربما اليهود أيضا) إذا رُفِع لنا دعاء فإنه يستجاب لكم فيهم ولا يستجاب لهم فيكم فأنتم المقسطون وهم المبطلون ". وإننا لنسأل هؤلاء الأوغاد: لماذا، بدلا من هذه الخَوْتَة ووجع الدماغ وتزييف الكتب الذى تشغلون أنفسكم به، لا تَدْعُون أنتم وبقية المغفلين أمثالكم لنا بالهداية وتفضونها سيرة وتنصرفون إلى ما يصلح حالكم، لا أصلح الله لكم حالا ما دمتم تصرون على الكفر والتآمر على عباد الله الموحدين تريدون أن ترجعوهم كفارا بعد أن أنعم الله عليهم بدين التوحيد؟ ألستم تقولون إن الله أوحى لكم هذا الهباب الذى تسمونه " الفرقان الحق " وأكد لكم فيه أن دعاءكم فينا مستجاب؟ ألستم تريدون لنا أن نؤمن بتثليثكم؟ بسيطة! إن الأمر لا يحتاج لأكثر من دعوة (أو دعوتين إذا لزم الأمر وكان إلهكم نائما نومة القيلولة مثلا أو كان مشغولا بملاعبة ابنه أو مداعبة زوجته ويحتاج من ثَمّ إلى مزيد من التنبيه)، وبعدها تجدوننا قد دخلنا فى دينكم وأصبحنا وثنيين مثلكم، ويرتاح بالكم وتريحوننا من هذه الشتائم التى لا تأتى معنا بنتيجة؟ صحيح: لم لا تفعلون ذلك؟ ولكن لا تنسَوْا أن تعطونى الحلاوة إن وفقكم الله، ولن يوفقكم أبدا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة بمشيئته تعالى وحوله وقوته!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير