تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يا أكلة الخنزير الذى حرّمته السماء وحلّله لكم، تقرُّبًا إلى الوثنيين، بولس اللعين (كورنتوس 1/ 6 / 12– 13، 9/ 19 – 29، وكولُسِّى/ 2 كله)، ومهّد له الطريقَ قبلا بطرسُ ذو العقل الثخين (أعمال الرسل / 9 – 16، و 11/ 2 – 10)، والذى يجعلكم تبغضوننا وتحقدون علينا إلى يوم الدين! إننا حين نذبح الأضاحى إنما نذبحها ليَطْعَم معنا منها المحتاجون والجائعون، لا ليتمتع برائحتها الله رب العالمين، وكأنه إله من آلهة الوثنيين حسبما صورتموه فى " الكتاب المقدس " لديكم، ولذلك تُتْرَك فلا يأكل منها أحد. وهذا معنى قوله تعالى: " لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها، ولكنْ يناله التقوى منكم " (الحج / 37)، الذى سرقتموه كعادتكم ونقلتموه إلى " ضلالكم المبين "، دون فهم كالحمار الذى يجلس إلى مكتب ويمسك كتابا بحوافره يظن أنه بذلك سيكون من الآدميين الذين يفهمون، ثم جئتم تَشْغَبون به علينا فى عنادٍ حَرُون. وهذه أول مرة أسمع بإله يضيق صدره بإطعام الفقراء والمساكين. أىّ إله هذا يا ترى؟ ومن أية جِبِلَّةٍ جُعِل؟ هذا إلهٌ قاسٍ غليظ القلب والوجدان، نعوذ بالله منه وممن صنعوه وعبدوه!

على أن ثمة شيئا خطيرا فات هؤلاء الأوغاد، ألا وهو أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى يشهد كتابه لمريم عليها السلام بالعفة، فهل من العقل أن يأتى إنسان إلى الشاهد الوحيد الذى يملكه فيسبّه ويتطاول ويتسافه عليه ويكذِّبه ويفترى ضدَّه الأكاذيب؟ إن ذلك لهو الحماقة بل هو الجنون بعينه، فضلا عما فيه من قلة أدب ووغادة!

ومعروف ما يقوله، عن عيسى وأمه، اليهود الذين يضع الأوغاد الآن أيديهم فى أيديهم ليكونوا علينا إِلْبًا واحدا. إنه عندهم ابن سِفَاح، وكانوا يعرّضون به قائلين فى وجهه: " لسنا مولودين من زِنًى " (يوحنا / 8/ 42).

وبطبيعة الحال لا يمكن إبطال هذه التهمة بأدلة قانونية، إذ المعروف أن المرأة لا تحمل ولا تلد إلا إذا اتصلت برجل: عن طريق الزواج أو من خلال علاقة غير شرعية. ولم تكن مريم قد تزوجت بعد، فلم يبق أمام الناس إلا الباب الثانى، اللهم إلا إذا ثبت بدليل غير عادى أنها لم تَزْنِ، وأين هذا الدليل إلا فى القرآن الكريم، الذى يتطاول عليه بَغْيًا وعَدْوًا أغبى من عرفت الأرض من المخلوقات؟ لقد ذكر المولى فى كتابه أن جبريل عليه السلام قد أتاها رسولا من الله ونفخ فى جيبها فحملت بعيسى. لكن أحدا لم يَرَ جبريلَ وهو يفعل ذلك، فلم يبق إذن إلا تبرئة القرآن الكريم لها، فضلا عما حكاه عن كلام عيسى فى المهد دليلا على عفتها! والغريب أن هذا الدليل الذى يقول به القرآن لتبرئة مريم غير موجود فى الأناجيل الموجودة فى أيدى النصارى! فما معنى هذا؟ معناه أن هؤلاء الحمقى المغفلين يتركون الدنيا كلها ويتفرغون للتطاول والتباذُؤ والتسافُه وإقلال الأدب والحياء على المسلمين، الذين يمثلون المخرج الوحيد لهؤلاء البهائم من ورطتهم! وهذا دليل على الخبال الذى هم فيه، وهو أمر طبيعى جدا، إذ ما الذى ننتظره لمثل هؤلاء الأباليس؟ أننتظر أن يوفقهم الله جزاء كفرهم وبغيهم على رسوله والكتاب الذى أنزله عليه نورًا للعيون وهُدًى للقلوب؟

ولم يكن اليهود هم الوحيدين الذين ينسبون عيسى عليه السلام إلى أب من البشر، بل كان الناس جميعا يقولون إن أباه هو يوسف النجار. لا أقول ذلك من عندى، بل تذكره أناجيلهم التى نقول نحن إنها محرفة فيكذّبوننا عنادا وسفاهة! لقد كتب يوحنا فى إنجيله (1/ 5) أن الناس كانت تسميه " ابن يوسف "، وهو نفس ما قاله متى (1/ 55) ولوقا (3/ 23، و 4/ 22)، وكان عيسى عليه السلام يسمع ذلك منهم فلا ينكره عليهم. بل إن لوقا نفسه (2/ 27، 33، 41، 42) قال عن مريم ويوسف بعظمة لسانه مرارًا إنهما " أبواه " أو " أبوه وأمه ". كذلك قالت مريم لابنها عن يوسف هذا إنه أبوه (لوقا / 2/ 48). ليس ذلك فحسب، بل إن الفقرات الست عشرة الأولى من أول فصل من أول إنجيل من الأناجيل المعتبرة عندهم، وهو إنجيل متى، تسرد سلسلة نسب المسيح بادئة بآدم إلى أن تصل إلى يوسف النجار (" رجل مريم " كما سماه مؤلف هذا الإنجيل) ثم تتوقف عنده. فما معنى هذا للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ... ؟ لقد توقعتُ، عندما قرأت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير