تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإنجيل لأول مرة فى حياتى، أن تنتهى السلسلة بمريم على أساس أن عيسى ليس له أب من البشر، إلا أن الإنجيل خيَّب ظنى تخييبا شديدا، فعرفت أنّ من طمس الله على بصيرته لا يفلح أبدا. ثم إنهم بعد ذلك، ويا للغرابة، يجدون فى أنفسهم النَّتِنة الجرأةَ على التَّسَافُه على رب العالمين وإيذاء رسوله الكريم فى صحائفَ ملفقة زاعمين أنها وحى من لدن رب العالمين، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يجد فى كونه الواسع العريض غير المآبين الموكوسين ليتخذ منهم أنبياءه وينزّل عليهم وحيه الشريف!

لكن خيبة هؤلاء السفهاء لا تنتهى عند هذا الحد، إذ هم يُصِرّون على أنه عليه السلام قد صُلِب، ويخطِّئون القرآن لنفيه واقعة الصَّلْب، بل يكفّروننا نحن ورسولنا لهذا السبب، مع أنهم لو عقلوا لقبلوا أيديهم ظهرًا لبطن، ثم عادوا فقبلوها بطنًا لظهر ... وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية. لماذا؟ لأن العهد العتيق الذى لا يصح لهم إيمان إلا به يؤكد أن من عُلِّق على خشبة فهو ملعون من الله (تثنية الاشتراع / 21/ 22)، وعيسى، بنَصّ ما جاء فى " أعمال الرسل "، قد عُلِّق على خشبة (5/ 30، و10/ 39)، أى صُلِب.

ولقد شعر اللعين بولس بالوكسة التى وقع فيها محرِّفو الأناجيل ومزيِّفوها حين قالوا بصلبه عليه السلام فأقرّ، فى رسالته إلى أهل غلاطية (3/ 13)، باللعنة التى وقعت على رأس المسيح بتعليقه على الخشبة، بَيْدَ أنه سارع إلى لىّ الكلام عن معناه مدَّعِيًا أن تحمُّل ذلك النبى الكريم للّعنة إنما كان من أجل البشر. وبطبيعة الحال هو لم يقل عنه إنه نبى بل إله! إذن فهم أنفسهم يقرون بأن إلههم ملعون، وهذا يكفينا، ولا يهم بعد ذلك أن نعرف السبب الذى صار ملعونا لأجله، فهو لا يقدم فى الأمر ولا يؤخر!

أليس من العار أن يعتقد إنسان أن الرب الذى يؤمن به ويعبده ويبتهل إليه ويطلب منه البركة والخير هو نفسه ملعون؟ فكيف يطلب منه إذن ما لا يملكه بل ما يحتاج من غيره أن يوفّره له؟

على رأى المثل: جئتك يا عبد المعين تُعِيننى، فإذا بك يا عبد المعين تُعَان!

والله إنها لمهزلة!

إنها أول مرة يسمع الواحد فيها بإله ملعون! ولكن لم لا، وقد جعلوه خروفا، كما روَوْا فى أناجيلهم المزيَّفة أنه قد مات على الصليب بعد أن أُهين وضُرِب وشُتِم وبُصِق عليه ووُضِع الشوك على رأسه وسُخِر منه وسُمِّرَت يداه ورجلاه فى الخشب وطُعِن فى خاصرته بالرمح وجعلوا من لا يشترى يتفرّج، وهو فى حال من العجز تامة لا يستطيع أن يصنع هو ولا أبوه شيئا رغم الآلام التى كانت تعذّبه والصرخات التى كان يرسلها فى الفضاء فى مسامع ذلك الأب القاسى الغبى؟

أما نحن المسلمين فإننا نرفض الصَّلْب أصلا من جذوره، ومن ثَمَّ فلا لعنة ولا يحزنون!

وبهذا يتبين للقراء البؤس العقلى الضارب بأطنابه على أولئك الطَّغَام الذين يزعمون أنهم أَتَوْا لهدايتنا، وهم أضلّ خلق الله! أترى أحدا قد سمع بمثل هذا البؤس من قبل؟ ألم أقل إن من يغضب الله عليه لا يفلح أبدا؟

ومع العَمَى الحَيْسِىّ الذى يسدّ السبيل على هؤلاء الأغبياء نمضى، فماذا نجد؟

لقد وردت، فى الفقرة الحادية عشرة من " سورة الزنى " فى " ضلالهم المبين "، الكلمة التالية: " ووصينا عبادنا ألا يحلفوا باسمنا أبدا وجوابهم نَعَمْ أَوْ لا. فقلتم بأن من كان حالفا فليحلف باسم الإله أو يصمت. وهذا قول الكفرة المارقين ".

وأول شىء نحب أن نقوله هو: ما علاقة الحلف بالله بالكفر؟ وإذا لم نحلف بالله إذا أردنا أو أُرِيدَ منا أن نُطَمْئِن الآخرين فبأى شىء نحلف؟ أنحلف بسيدى سِحْلِف، الذى يأكل ويَحْلِف؟

أنا لا أضحك، ولكنى أحاول تجنب انفقاع مرارتى!

وطبعا مفهومٌ من الذى يقصده الأوباش بالكفرة المارقين! إنه نبينا وسيدنا وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم. نعم سيدهم وتاج رؤوسهم، وإن كانوا لا يستحقون شرف سيادته عليهم.

إن الحَلِف موجود فى كل المجتمعات والعصور والديانات بما فيها شريعة موسى التى أكد المسيح، حسبما تروى عنه الأناجيل، أنه ما جاء لينقض أحكامها بل ليتمّمها والتى تنظّم عملية الحلف بتشريعات خاصة به جوازا ووجوبا وحرمة (تكوين / 25/ 3، وخروج / 22/ 1، وعدد / 30/ 2).

فمن أين جاءت المشكلة إذن؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير