تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن الحاوى المسكين لا يدرى أنه قد جاء يبيع الماء قى حارة السقائين الذين لا يَرُوج بينهم سقّاء مبتدئ لم يتعلم الصنعة على أصولها! لو أنك قلت لنا منذ البداية فلربما كنا عهدنا بك إلى أحد صبية الحارة ليعلّمك كيف تحمل القربة وتدور بها فى الشوارع وتنادى على الماء بطريقة منغمة تصغو إليها الآذان وتنفتح لها القلوب، وكيف تُفْرِغ الماء فى الأزيار والطُّسُوت والقُلَل والأباريق دون أن تريقه على الأرض أو تبلّ به ملابسك وتجعل من نفسك أضحوكة الحارة!

ما كل من ذهب لفرنسا، حتى لو أعطاه المستشرقون درجة الدكتورية ورَقَّوْه وجعلوا منه بروفيسيرا وعيَّنوه فى السوربون، يصلح أن يكون سقّاء أو حاويا فى حارتنا أُمّ البِدَع! فهذه نقرة، وتلك نقرة أخرى!

وفى النهاية هأنتذا تقول فى موضع آخر، وبعَظْمَة لسانك أيضا، إن ترجمة الجملة السابقة التى وردت فيها كلمة "أسطورة" وعِبْتَها على د. العوا هى ترجمة "صحيحة وسليمة لغويا" (تاريخية الفكر العربى/ 10). وهذا نص

كلامك كاملا: "فعندما يقرأون ترجمة جملة كهذه: " Le Coran est un discours de

nature mythique"، أى "القرآن خطاب أسطورى البنية" كما جاء فى ترجمة الدكتور عادل العوا، فإنهم يصرخون ويدينون ... فى الواقع إن الترجمة صحيحة وسليمة لغويا، إلا أن مفهومات "خطاب" و"أسطورة" و"بنية" لم يفكَّر فيها بعد كما ينبغى فى الفكر العربى المعاصر. ولن تؤدى المناقشة إلى أية نتيجة إذا ما تمسك هذا الطرف المذكور بأحكام فقه اللغة التقليدى والتاريخ الروائى- الخَطّىّ واستخدام القرآن لمفهوم الأسطورة".

طبعا علينا أن نلغى عقولنا والمعاجم التى بين أيدينا وما اصطلح عليه الناس فى استعمالاتهم اللغوية وننسى ما شرح به د. أركون نفسه معنى "الأسطورة" كما رأينا، ونصدق هذه البهلوانيات. وفوق ذلك كله علينا أن نمسح من ذاكرتنا أنه هو ذاته قد خطّأ عادل العوا فى هذه الترجمة التى يؤكد الآن أنها صحيحة وسليمة لغويا.

مسكين أركون يظن أنه أذكى من الناس مع أنهم قد يفوقونه ذكاء وانتباها! كما يظن أن فى مستطاعه اختراع عربية وفرنسية جديدتين غير اللتين نعرفهما ويعرفهما معنا أصحابهما!

وبالمناسبة فإن كلمة "الأساطير" ليست استخداما قرآنيا كما يزعم أركون فى النص الذى فرغنا منه لتونا، بل هو مجرد حاكٍ لما كان الكفار يقولونه. وهذا يذكرنى بما قاله الحاطبُ فى حبله وحبل أمثاله خليل عبد الكريم، إذ زعم هو أيضا أن القرآن الكريم سمَّى أتباعَ نوح بـ"الأرذلين"، مع أن أى طفل صغير قرأ القرآن يعرف تمام المعرفة أن الذى قال ذلك إنما هم الطائفة الكافرة من قوم ذلك النبى الكريم لا القرآن. وقد رددتُ عليه وأشبعتُه ما يحتاجه من تقريعٍ جرّاءَ هذا الجهل الفاضح الذى ارتكبه، وهو الذى لا يريحنا من ثرثراته وطنطناته البغيضة الثقيلة عن المنهجية والعلمية والتوثيقية والمهلَّبية والألماظية والملوخية، وكذلك "الفاصوليّة" (كما ينطقها إخواننا فى السعودية)، والذى سُقْتُ من الأدلة القوية ما يجعلنى أستبعد أن يكون هو مؤلف الكتب التى تحمل اسمه. وهو ما يجده القارئ فى كتابىّ: "لكن محمدا لا بواكىَ له- الرسول يهان فى مصر ونحن نائمون"، و"اليسار الإسلامى وتطاولاته المفضوحة على الله والرسول والصحابة"، الذى كتب هو نفسه عنه عَرْضا فى مجلة "أدب ونقد"مدح فيه العبد لله مدحا لم يمدحنيه أشد الناس حبا لى، ورفعنى للسماء السابعة وجعلنى أوحد زمانى فى الأستاذية، ثم استغفلنى وكتب فى عنوان المقال أن اسم الكتاب هو: "اليسار الإسلامى وتطوراته ... " (هكذا بالنص! فانظر، أيها القارئ الكريم، التدليس على أصوله، وكيف يمارسه جَنَابه عينى عينك، مغيرا "تطاولاته" إلى "تطوراته"، وحاذفا بقية الكلام مع الاستعاضة عنها بثلاث نقاط، حتى إذا ما اعترضتُ عليه ادعى أن "تطوراته" هى مجرد غلطة مطبعية، والقلم يغلط يا أخى كما يقولون عندنا فى القرية!).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير