وبوكاى وهوفمان وكلاى ويوسف إسلام وغيرهم بالملايين من الأوربيين والأمريكيين، ومنهم الآنسة الفرنسية الجميلة التى حلقت شعر رأسها بالمُوسَى احتجاجا على القانون الجائر الذى كنتَ من كبار عَرّابيه، وكلُّ شعب من الشعوب التى دخلت الإسلام مِخْيَالُه الجماعى يختلف عن مخيال العرب ومخاييل الشعوب الأخرى؟
يا دكتور، لو لم يكن لك من ذنب إلا أنك كنت المتسبب فى حَلْق هذه البنت رأسها "زَلَبَطَّة" لكفاك لكى تبوء بغضب الله. فكيف، وأنت تريد أن تقضى بتَفَيْهُقاتك وكلامك الفارغ على دين محمد كله لا على شعر الفتيات الجميلات فقط؟
يا دكتور أركون، كيف، وقد فاتك الخوف من الله أو الغيرة على الحرية الشخصية التى فَلَقْتَ دماغنا أنت وأحبابك الفرنسيون بها، لم تتنبه إلى أنك بهذا القانون قد ضربت الجمال والأناقة فى مقتل؟
رُحْ يا رجل منك لله! شعر البنت الفرنسية هذه فى رقبتك إلى يوم الدين! قلبى وربى غضبان عليك (كما كنت
أسمع جدتى، رحمها الله، تقول وأنا صغير)، ولن تفلح إن شاء الله، اللهم إلا إذا كان سبحانه وتعالى قد ادَّخر لك توبة تختم بها حياتك فتُقْلِع عن هذه السخافات الأركيولوبية الفينومينوكَوَنّونُوِيّة المأمآنية (والكلمة الأخيرة من غريب لغة الخِرْفان بالمناسبة! حتى لا يسألنى أحد).
ثم ما دامت النبوة والإصلاح هى من بنات "المخيال الجماعى"، فلماذا لا تقول هذا لنفسك وتَرْبَع على ظَلْعك وتريحنا وتستريح معنا، إذ معنى ذلك أن كل ما تتعب قلبك وقلوبنا لكى تقنعنا به لن يكون له أى تأثير علينا ولن يدخل فى عقولنا أو قلوبنا، لأنه ببساطة ليس نتاجا لمخيالنا الجماعى، الذى لا يعرف شيئا اسمه "العلمانية" أو "الحداثة" أو "عقل الأنوار" ... إلى آخر هذه الرطانات التى تمضغها وتلوكها عبثا، والتى لا فائدة منها معنا حتى لو ظللت تمضغها وتلوكها وتنقلها عن هذا الشِّدْق لذاك من هنا إلى يوم يبعثون؟
"مخيالنا الجماعى"، يا خواجه أركون، هو مخيال "الفتَّة والطَّبْلِيّة ولعق الأصابع بعد الأكل بها وصلِّ على النبى
وقال الله وقال الرسول، و (لا تنس بالمرة) الثلاث طوبات! "، أما هذا الذى تهذى به فهو ليس لنا بمخيال!
أرأيت أنك لا تستطيع أن تقول شيئا متناسقا بعضه مع بعض؟ إن كلامك مفكَّك يُنْكِر ذيلُه رأسَه، بل لا رأس له فى الواقع أصلا ولا ذيل، ولا يترتب عليه إلا تصديع أدمغتنا بمصطلحاتك وتحليلاتك المملوءة ثرثرة بغيضة وتعالما وحذلقة ثقيلة الظل والروح!
وفضلا عن ذلك هل تحسب أننا من البلاهة بحيث يمكن أن يدور فى وهمنا للحظة واحدة أن الغرب أو تلامذة الغرب
وذيوله تهمهم مصلحتنا؟ هل قال لك أحد إننا مختومون على قفانا؟
إن المسألة كلها لا تخرج عن رغبة الغرب الحارقة فى القضاء على الإسلام فى عقولنا وقلوبنا على السواء حتى يكون مضغهم لنا وهضمهم للحومنا سَلِسًا لا غصّة فيه ولا عُسْر هضمٍ ولا مَغْص!
إنهم ينظرون فيَرَوْن أن المسلمين، رغم كل التخلف الذى هم فيه وقِصَر ذات يدهم علميا وإداريا وعسكريا وصناعيا، ما زالوا يقاومون ويقفون فى طريق المخططات التى يراد منها تركيعهم التركيع النهائى رغم أنه ليس فى
أيديهم دبابة ولا قنبلة ولا طائرة لأن حكامهم قد منعوا عنهم الدبابة والطيارة والقنبلة وأغلقوا عليها مخازنهم بالضبّة والمفتاح بعد أن دفعوا فى شرائها دماء الشعب وأخربوا خزينة الدولة، ومع ذلك فإن طائفة من الأمة تتحدى بكل قوةٍ وشراسةٍ الجبروت والطغيان الكفرى الغربى دون أن يبالوا بأى شىء مسترخصين حياتهم وأموالهم فى سبيل الحفاظ على الدين والكرامة، وهذا ما يؤرق الغرب ويعمل بكل ما لديه من قوة على تحطيمه. وهو يعرف أن السر فى هذه القوة التى يرخص فيها كل شىء على نفس المسلم هو الإيمان بالجنة، ومن ثم فلا بد من القضاء على الإيمان بجنة محمد وقرآنه، ولا بد من تجنيد كل الإمكانات التى يؤمِّلون من ورائها بلوغ هذا الهدف الشيطانى، ومنها إطلاق الأذناب التى تتخذ أسماء إسلامية على أبناء الإسلام تشككهم فى دينهم، آملين أن يكون لتشكيكها أثر أقوى وأبعد، وأن تكون مقاومة هذا التشكيك أضعف وأسرع اضمحلالا!
ولا تنس، بالله عليك أيها القارئ، أن تقرأ عنّى الفاتحة لسيدى "المخيال"، فسِرّه باتع كما يؤكد الشيخ أركون!
¥