أو زرع بذور الشكوك في قلوب المسلمين. الهدف الرئيس في البحث هو اتّباع المبدأ الأساسية في جميع نواحي الدراسات , وهو الموضوعية في البحث. ليس هذا المبدأ وليدة العقود الماضية بل هو المنطلق عند دراسة جميع الأديان والحضارات شرقية كانت أو غربية.
نقطة الخلاف بين الاستشراق الغربي والمفهوم الذاتي لدى المسلمين ترجع أساسا الى مسألة الفصل بين
الدين ومتطلباته من ناحية وبين العلم ومتطلباته من ناحية أخرى. ما كان في الدين فرضا لا مجال للشك فيه يصبح في العلم موضوع البحث ومن هنا لا يخضع للمعايير الدينية.
عندما يقترب الباحث من القرآن باعتباره وحيا وكتابا منزلا يأتي بنتائج لا تخرج من نطاق المتطلبات الدينية بل تتفق مع ما فرضت التعاليم الدينية على الباحث.
عند القراءة في الكتب التي ألفت حول نبي الاسلام يتبين للجميع مسلما كان أو غير مسلم أنّ الاستشراق يعتبر محمدا شخصية تاريخية ونبيا معا. فالسبب لذلك لا يعود الى (ايمان) الباحث بالنبوة بل الى اقتناعه الثابت أن محمدا قد رأى نفسه رسولا وعبرت عن ذلك عدة آيات في القرآن كما عبرت عن اخلاصه وعن أبعاد ايمانه الذي لا يشك فيه أحد. فالوثيقة التأرخية التي تؤدّي بالباحث الى هذه المعرفة هي القرآن نفسه. أو بعبارات أخرى: لقد وصلت الى نفس الحقيقة والى نفس المعرفة التي يؤمن به المسلم بعدم اعتبار مصدري (أي القرآن) وحيا بالضرورة أو كتابا منزلا.
لقد كتب الاستشراق كتبا ومقالات ودراسات حول عصر النبوة والتاريخ الاسلامي في مختلف فتراته غير أنني لا أذكر كتابا رفض مؤلفه فيه النبوة. من هذه الكتب الأساسية ما أصدره المستشرق الانجليزي W.Montgomery WATT في مجلدين: محمد في مكة ومحمد في المدينة. ولخصهما في كتيب عام 1961 تحت العنوان: محمد النبي والسياسي Muhammad Prophet and Statesman .
فالباحث يعترف اذا بهذه الشخصية نبيا وسياسيا ويرى في سيرته تطورا هائلا مرسوما في كتب السيرة وفي الفرآن معا. بل يرى أيضا أن هناك تطورا ملموسا حتى في اللغة من الآيات المكية الأولى الى ما بلغ هذا الدين ذروته في الآية:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)
وكذلك في خطبة حجة الوداع.
اذا يتخذ الباحث مبدأ (الموضوعية) أساسا لبحثه فيجب أن يعترف بالعظمة التأريخية وأبعادها بكل سهولة تاركا مسألة الايمان والشعور الدينية الى الجانب.
(سيتبع)
ـ[أمين نورشريف]ــــــــ[15 Feb 2005, 09:59 م]ـ
جزى الله المشرف العام على هذه البادرة المتميزة و أسأل الله أن يبارك في القائمين على هذا الموقع وأن يسدد خطاهم.
وحقيقة أني قرأت الحوار مرات ومرات وما تلاها من أسئلة وردود وقد لفتت انتباهي جملة من الأمور كان أولها تعريف الدكتور للإستشراق وتقسيمه إلى معاصر وتقليدي مع محاولة إبعاد النقاش عن علاقة الإستشراق عموما بسياسة الدول الغربية سواء كان ذلك في الماضي أو الحاضر. والدكتور المحترم أشار إلى نشأة علم الإستشراق في القرون الوسطى على حد قوله" نعم, تم تأسيس المعاهد للدراسات العربية والاسلامية في الجامعات المعروفة في القرون الوسطى وتحت سيطرة الكنيسة لهذه الأغراض: لاقناع الطرف المسلم بعدم صلاحية ايمانه ولتنصيره "وذكر في الحوار نفسه"نعم تطورت مسيرة الاستشراق كما تطورت العلوم الإنسانية الأخرى. كان هذا التطور مرتبطاً بالاتجاهات العامة في تلك العصور حيناً، وبالسياسةِ في تلك العصور حيناً آخر" وورد أيضا في حديث الدكتور عن الإستشراق المعاصر "في نظري وحسب تجاربي وما أرى حولي في السنوات الأخيرة، هُناك تراجعٌ مَلموسٌ وعام في جَميع المَجالات الاستشراقية القَديمة (الكلاسيكية). وذلك لأنَّ الاتجاهات الحديثة في الاستشراق نشأت على حساب الدراسات الأصيلة, فيكادُ المرءُ لا يَجدُ معهداً يُركِّزُ على العلوم الإسلاميةِ، كما كان يُركِّزُ عليها الاستشراقُ في بداية القرنِ العشرين حتى السبعينات الميلادية، اللهمَّ إلاَّ القليل النّادرُ من المعاهد الاستشراقية. وترجع الأسبابُ لذلك التغَيُّرِ (المؤسفِ) في جانب الدراسات الإسلامية إلى انتقال اهتمامات الجيل الحديث إلى دراسة القضايا المعاصرة إِسلاميةً كانت أو عربيةً"
ثم تقولون يا دكتور"أما الاستشراق الحديث , اعتبارا من القرن 18 م تقريبا والاستشراق المعاصر من منتصف القرن 19 م فلا علاقة لهما بما سبق ذكره لا تأريخيا ولا (روحيا ـ كما يقال). لم ينشأ الاستشراق ولم تؤسس المعاهد للدراسات الاسلامية وللغة العربية من أجل تنصير , بل أسست تلك المعاهد , التي ما زالت موجودة الى يومنا هذا , كما أسست غيرها لدراسة الحضارات واللغات للشعوب الشرقية ... حتى الى اليابان "
وحقيقة ليس لدي الآن معلومات كافية عن علاقة الإستشراق والحركة الإمبريالية خلال هذه الفترة لكن المعاهد الإستشراقية اليوم تحاول من خلال دراستها الطويلة للإسلام أن تلعب دورا أساسيا وتهئ أرضية مناسبة لاستنساخ دين جديد باسم الأورو إسلام و افتتاح قسم جديد بجامعة منستر لتكوين أساتذة لتعليم هذا الدين الجديد في المدارس الألمانية كان بمثابة حجر الأساس في هذا الإتجاه.
فكأني بالدكتور المحترم يريدنا أن نناقش الإستشراق كدراسة مثل بقية الدراسات الأكاديمية التي تدرس في الغرب وهذا بعيد عن الواقع.!!!!
¥