تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الثالث: ومثالٌ آخر ما صنعهُ المستشرقُ الألمانيُّ رودولف جاير في تحقيقه لديوان الأعشى. الذي اعتمد عليه الدكتور الجليل محمد محمد حسين رحمه الله ونشره عام 1370 هـ وقال منوهاً بالطبعة الأولى للديوان: (وقد نشر المستشرق الألماني رودولف جاير هذا الديوان للمرة الأولى سنة 1928، نشره عن ست نسخ، هي كل ما أمكن جمعه من النسخ المخطوطة للديوان، واستعان بعدد ضخم من الكتب العربية بلغ في مجموعه خمسمائة وتسعة وستين مؤلفاً، استخرج منها جميعاً كل ما روي للأعشى من شعر، وأثبت في الملحقات رواية كل بيت من أبيات الديوان جاء ذكره في واحد من هذه الكتب، مع قراءات النسخ المختلفة.

والواقع أنَّ مجهود الناشر للديوان يُعتَبَرُ مثالاً للدقةِ، وللأمانةِ العلميَّةِ،وللجَلَدِ على العمل الطويل الذي اتصل في خدمة هذا الكتابِ أربعينَ عاماً، وقد اعتمدتُ على هذا المَجهودِ القيّم في طبعتي هذه، فبدأتُ من حيثُ انتهى جاير، ولذلك كان من حقِّ هذا المستشرق عليَّ أَنْ أعتَبِرَ عملي في الديوان إِتْماماً لِمَجهوده المضني، وثَمرةً لِعَمَله المتصلِ الدءوب). ثم قال في ختام مقدمته: (وأخيراً فقد رأيتُ إِتماماً للفائدةِ أن أضعَ بين يدي القارئ ترجمةً عربيةً لمقدمة جاير الألمانية، فهي – على ما فيها من نَفْعٍ – دَرْسٌ خُلُقيٌّ رفيعٌ في إنكارِ الذات، والتفاني في خدمة العلمِ، وحَمْلِ أمانته حتى الموت)!

وكلام الدكتور محمد محمد حسين ظاهر لا يحتاج إلى تعليقٍ، ومن يعرف كتابات الدكتورمحمد محمد حسين في نقده للمذاهب الأدبية المعاصرة التي شوهت الأدبَ، وحَمَلَ رايتها كثيرٌ من المنتسبين للإسلام، وحِدُّتُه في ذلك، ثُمَّ قرأَ ما كتبه أعلاهُ يعلمُ مقدارَ الإنصافِ الذي تَحلَّى به ذلك القَلَمُ عليهِ رحمةُ الله وغَفَرَ له.

وقد سقت هذه النقول على طولها، لأنتهز هذه الفرصة وهذا اللقاء، لنستفيد من أدب الإنصاف هذا، فإنَّهُ درسٌ ثَمينٌ يُحرَصُ عليه، وقَلَّ من تنبه له في الحوارات والمنتديات العلمية، مع مسيس الحاجة إليه، وقد اشتدت حاجتنا إليه في هذه الأزمنة التي كثر فيها الجدلُ، واحتدم فيها النقاشُ حول كثيرٍ من القضايا العلمية وغيرها، فطغى علوُّ الصوتِ، ونَبْرَةُ الخطاب، على الرغبةِ الصادقةِ في العلم، والوصول إلى الحق والفائدة.

ونحنُ في شبكة التفسير وملتقى التفسير لسنا مُولعينَ بإثارةِ العواصفِ، ونبش الدفائن؛ لأنَّ الحديث عن التجاربِ والخبرات العلميةِ حديثٌ موضوعيٌّ، لا يُؤتي ثِمارَه في عواصفِ الضجيج والحِدَّةِ، ولكنَّه يصلُ إلى غايته في جَوٍّ من الهدوءِ العاقل، حينَ يتحدثُ الكاتبُ عن مسائل العلم في جوٍّ مُشبعٍ بالعطفِ والتقدير، مع مراعاة الحَيدةِ التامَّةِ؛ لأَنَّ التعصب للخطأِ طفولةٌ فكريةٌ لا مَجالَ للرجوع إليها بعد وضوحِ الحقِّ، وبيان الدليل، والرغبة الصادقة في المعرفة. والكلمةُ الأخيرة في كثيرٍ من القضايا لم تُقَلْ بَعدُ، ما دامت هناك أوجهٌ للنظر تلوحُ للدارسين بعد الخفاءِ، ولكنَّ الحلقات المتصلة من المناقشة والحوار العلمي فيما بيننا تُسهمُ في تحقيق الغاية المبتغاة، وحوارُنا هذا من تلك الحلقات إن شاء الله.

أقول هذا وأنا في غاية الحرجِ منكم؛ لتقدمي بينَ يديكم وأنتم أولى بإرشادي، وأسألُ الله أَنَّ يرزقنا جَميعاً الإخلاصَ في القول والعمل، وأن يرزقنا العلم النافع، وأن يغفر لنا الزلل والخطأ إنه غفور رحيم.

ـ[موراني]ــــــــ[19 Feb 2005, 01:45 م]ـ

فيما يتعلق باعجاز القرآن واثبات الهية القرآن والحقائق التي فيه , فلا ينتطلق الاستشراق

من المصطلحات مثل (الهية) و (حقائق) , هذا من ناحية. ليس هناك دين ولا نبي بدون معجزات , ويري الاسلام في القرآن المعجزة الكبرى وهو موقف يعترف به كل ذي عقل من غير أن يؤمن بالـ (ـحقائق)

من ناحية أخرى يجب أن أعترف بانني لم أشتغل كثيرا في مسألة اعجاز القرآن غير أن هناك مستشرقين متخصصين في علوم القرآن لهم نصيب في هذا العلم , مثل المستشرقة الألمانية Neuwirth في الحاضر (كانت مديرة للمعهد الاستشراقي الألماني في بيروت سابقا).

أنا شخصيا أرى في هذه النظرية أهمية كبيرة للبحث العلمي في تأريخ النبوة وفي الفهوم الذاتي لنبي الاسلام كما جاء في الآيات المعنية خاصة في مخاطبة المشركين والكفار وأهل الكتاب حيث تذكر عدة آيات كلام الذين لا يؤمنون والردّ عليهم. هذه الآيات هي أثبت الوثائق للنبوة. وهنا أود أن اكرر أنّ النبوة لا يشك أحد فيها اذ هذا هو المنطلق الأساسي للفهم الصحيح القرآن بغير أن أناقش مسألة الهية الكتاب لأنّ ذلك يدخل من باب العقيدة والايمان الشخصي وهذا الأخير ليس أساسا للبحث. من المسلم به أنّ كثيرا من القدماء قد اختلفوا في فهم اعجاز القرآن وفي تفسيره. فاذا اختلف القدماء في فهمه وعرضه ومن حقنا أن تختلف فيه أيضا عرضا وفهما.

لقد كتب طالب في معهدنا عام 1994 رسالة الماجستير حول نظرية الاعجاز منطلقا من كتاب حجج النبوة للجاحظ (رسائل الجاحظ , ج 3 بتحقيق عبد السلام هارون). وذكر في مقدمة الدراسة:

انه من المسلّم به أن المسلمين يرون في القرآن معجزة , وهذا الواقع يجب علينا أن تحترمه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير