ومفادها أن من أسماء التفرد عند الناس "الشذوذ".فصاحب موقع أسرار القرآن" شذ" فى تفسيره. سواء أكان منه القبول لهذا الوصف أم لا. ثم تأتي المعضلة بعد ذلك:كيف يمكن اقناع الناس بتفسير شاذ؟
أقول معضلة ليس بالنظر الى صعوبة العثور على الأدلة فهذا أمر عرضي ولكن لأمر جوهري نعبر عنه بالمعادلة التالية:"الانسياق وراء تفسير شاذ هو نفسه شذوذ."
إذن فليس العبرة بحمل الناس على تقبل الشذوذ بتوظيف ترسانة الادلة- مع الاعتراف بصعوبة ذلك-, ولكن الشأن في إزالة هذا الوصف نهائيا أو تناسيه على الأقل. وهكذا وجد الشيخ صلاح الدين نفسه مرغما على ان يقف من السلف موقفا لا يرضاه لنفسه. وقد يسال سائل عن وجه الإرغام فى المسألة فنقول:
إعلم ان" الشذوذ"أمرإضافي- نسبي-: فلا يحكم بشذوذ ألا بتصورمقارنة. والمقارنة بين أموركثيرة تسفر عن تصنيف عقلي ثنائي على النحو التالي:
تجانس عناصرمتعددة وتآلفها.
واختلاف عنصر عنها.
وهذا المختلف عن الجماعة هو المحكوم عليه بالشذوذ.
والآن يكفي اخلاء الساحة من العناصر المتجانسة أو عدم اعتبارها ليزول وصف الشذوذ عن العنصر الباقي.
هكذا قدر الشيخ صلاح الدين فمضي يقول ويعيد القول أن فهم السلف غير لازم مرة ,وأن فهم السلف نفسه غير متجانس مرة أخرى, وأن اقوال السلف لا تقاوم "ظاهر القرآن مرة ثالثة.
رأينا أن تعامل المردود عليه مع مفهوم "الظاهر" أدى به الى "تعويم" المصطلح, وسنرى الآن أن سوء تعامله مع السلف أدى به الى تناقض صارخ: تناقض يلمس على مستويات عدة منها "ازدواجية الخطاب" كما سيلاحظ القاريء بنفسه فى هذه الفقرات من مقدمته العامة:
1 - "واختلاف أهل التفسير أظهر دليل على أنه اجتهاد بالدرجة الاولى والأخيرة، ولنا أن نرى أنفسنا حاضرين بين الناس, يوم جمع عثمان رضي الله عنه المصحف، فلم يكن يومها تفسير لابن كثير أو للطبري أو غيرهم من المرتضين الأعلام, جزاهم الله عن الأمة كل خير بما أسلفوا ... "
2 - "فكل ما في التفاسير من قصص أو تعليق, لا ينتهي سنده الصحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو قول معلّق، لنا أن نأخذ ولنا ألا نأخذ، ما اتبعنا الهدى ووقفنا عند الثوابت. وليس في هذا استثناء, بعد قول الصحابة فيما أجمعوا عليه, ليس في هذا استثناء لأحد بلغ ما بلغ, .. "
3 - "ولا يفهم من كلامنا أننا ننفي أو نتجاوز فقه الأئمة الأكابر وجهدهم ونظرهم, فلا يقول بهذا مؤمن, ولا حاجة لإثبات رسوخهم وسبقهم وشرفهم, فجلّ ديننا وفقهنا وصلنا بجهدهم ومدادهم, فهم الناقلون المبلغون المبينون, وعامة الصواب مما وصلنا منهم, ولكننا نبحث وندرس فيما لم يقطعوا فيه, ولم يُجمعوا عليه جواباً, فلا يزال لهذا الدين خلف يحمله بأمر الله وتسديده, لا يحلون حراماً ولا يحرمون حلالاً, ولا يقطعون إجماعاً معلوماً مكتوباً بغير بينة ولا برهان, فكل يؤخذ من فمه ويرد عليه, وفوق كل ذي علم عليم."
4 - "وأما أن علينا أن نلتزم فهم السلف الصالح، فهذا صحيح, فيما لا يجوز تجاوزه ولا الخلاف فيه, كالعقائد وما سمعوه نصاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سوى ذلك فالأصل النظر والتدبر والسؤال, فلا نلغي عقولنا وأفهامنا, فلو كان التزام فهم السلف حجة وديناً, لما خالف ابن عباس من سلفه, ولما خالف الشافعي مالكاً رضي الله عنهم جميعا, ولم يزل الناس ينظرون ويعيدون ويصححون, فهذا الدين شجرة طيبة تؤتي اُكلها كل حين بإذن ربها. وهذه الأمة بوصف نبيها المعصوم عليه الصلاة والسلام كالغيث, لا يعرف أوله خير أم آخره."
مثل هذا الكلام ينبغي ان يقرأ بحذر شديد ... فكل الدسائس الموجودة فى موقع الاسرار مختزل هنا. وعلى المسلم ان يتذكر دائما المقولة الحصيفة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه:"كلمة حق أريد بها تصحيح باطل"
فلا بد من ان يلاحظ المسلم فى هذه النصوص وغيرها ازدواجية آلية الخطاب:
- آلية الطعن "منهجيا" فى كل السلف بدون استثناء .....
-وآلية توقيرهم" لفظيا"بدون حساب ....
وما كانت الآلية الثانية الا تقية او بابا سيلتجيء اليه الكاتب كلما حوصر واتهم بمضمون الآلية الاولى ... فتكون الحصيلة كتابة ماكرة من نوع:
"انت مخطيء رضي الله عنك"
أو من جنس:
"لم تفهموا القرآن ايها الأئمة الاكابر"
¥