تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(ولا تتجاوز التفاسير لآيات سورة "سبأ" ذلك المستوى السطحي الباهت, ولا تتفق ولا تنسجم أبدا مع المعطيات التي قدمنا لها, ووقفنا عليها .. )

(ولا يتعدّ تفسير آيات سورة "سبأ" مستوى سطحيا لا يتفق ولا ينسجم أبدا مع المعطيات التي قدمنا لها, ووقفنا عليها ..

فماذا تقول التفاسير إذا وصلت إلى {يعملون له ما يشاء, من "محاريب" و"تماثيل" و"جفان كالجواب" و"قدور راسيات"}؟؟ ..

الجواب ..

ليس هذا كله -وبعدما قدمنا من ملك الرجل العظيم- ليس هذا في التفاسير أبعد من معناه السطحي الظاهر, من محاريب الصلاة, وتماثيل لا يُعرف مأرب "النبي الصالح" فيها, ولا حاجته لبنائها, وجفان كالجواب, أي صحون كبيرة للأكل, وقدور ضخمة للطبخ والنفخ!!.)

لقد جمع المفسرين كلهم فى "ذات" واحدة ليتسنى له مؤاخذة جميعهم إذا ما وجد عند فرد واحد منهم ما يحتمل المؤاخذة ..... فتكون محاكمة من نوع محاكمة الذئب للحمل:"إن لم تكن أنت المذنب فأخوك".ولا يتورع من اعتماد الحجة ونقيضها لإحكام التهمة مستعينا بالقاعدة اليهودية المكيافلية الغاية تبرر الوسيلة.

فهو فى مواضع يتهم المفسرين بالحيدة عن ظاهر القرآن وينعتهم ب"المؤولين ".وهنا لما تمسكوا بظاهر القرآن اتهمهم بالسطحية وقلة الفهم. ولفق ترادفا بين الظاهر والسطحية ليشنع على العلماء ونسي أولا أنه يطعن فى القرآن بطريقة خفية وتناسى ثانيا انه هو نفسه أعلن فى "منهجه" الا يعتمد إلا على ظاهر القرآن وصحيح الحديث. (فما هذا الظاهر الذي له سطح وباطن؟!)

وعلى كل حال فالرجل ينضم الى الجوقة العتيدة:

ظاهر القرآن كفر (الصاوي)

ظاهر القرآن تجسيم (المتكلمون)

ظاهر القرآن سطحية (موقع أسرار القرآن)

لكن هل سلم الصحابة من هذا المصير؟

قال فى مقدمته:

فكل ما في التفاسير من قصص أو تعليق, لا ينتهي سنده الصحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو قول معلّق، لنا أن نأخذ ولنا ألا نأخذ، ما اتبعنا الهدى ووقفنا عند الثوابت. وليس في هذا استثناء, بعد قول الصحابة فيما أجمعوا عليه.

فالصحابي-إذن- من حيث هو صحابي لا يعتد بقوله وإنما يعتد بالاجماع ... ولكن يبدو أن هذا الاستثناء بقي غصة في حلق"منهجه" فمضي يضع شروطا تعجيزية لفسخ الاستثناء وبالتالي الحاق الصحابة بغيرهم ممن أتوا بعدهم. قال:

(فالأمي عند علمائنا، الذي بعث من "الأميين"، ولكن ظاهر الكتاب للمتدبر على خلاف هذا، ولا يحق لأحد أن يلزم الناس بشيء لم يلزمهم به رسول الله أو صحابته فيما فهموه عنه مجمعين عليه كاتبين له, تقرأه العامة والخاصة ... )

فقد تعنت تعنتا شديدا بتحديد شروط من عند نفسه لقبول اقوال الصحابة:

- اجماعهم أولا.

-كتابتهم لذلك الاجماع وتوثيقه ماديا ثانيا.

-اطلاع العامة والخاصة على النصوص المكتوبة لذلك الاجماع ثالثا.

سبحان الله ... !!!

ثم لا يرتاح الرجل حتى يجعل أقوال الصحابة وأفهامهم فى سلة واحدة مع" كل الناس".والانس فى مصطلح ابو عرفة ليس فى مقابل الجن ولكن فى مقابل العصمة. فكثيرا ما يرد ردا اجماليا آراء بدعوى أنها "للناس" .... !

ثم يستند الى حديث رواه الصحابة ليطعن فيهم ...

وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية", و"نضر الله امرأ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه, فرب مبلغ أوعى من سامع", فهذا الحديث عمدة راسخة لهذا الفهم، إذ هو هكذا: "كما سمعه" لا كما فهمه، والأصل بلاغ الآية والحديث كما تليا, كائناً من كان صاحب ذلك الفهم، على علو شأنهم وقوة فهمهم وحاجتنا إليه, دون أن نخلطه بكلام المعصوم ذي الوحي محمد عليه الصلاة والسلام, فكلام الله وكلام رسوله شيء, وكلام الناس –كل الناس- شيء آخر, وَلَبُعْد ما بينهما.

فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة الا يتدخلوا فى شؤون الفهم والتفسير وأن غاية وكدهم هو البلاغ فقط ...

وزعم ان الحديث السابق هو الأصل فى المسالة .. ولم يكلف نفسه عناء ذكر آيات وأحاديث أخرى تتوعد كل مفارق لنهج الجماعة وعلى رأسهم الصحابة .. ثم ارتضى لنفسه أن يفهم "رب" فى قول النبي صلى الله عليه وسلم على أنها تفيد التكثير ... بينما اهل اللغة ينصون على افادتها التقليل أيضا .. وارتضى لنفسه أن يدخلها فى عموم صيغة التفضيل"أوعى".

نعم. إن الرجل لا يتورع عن رفع نفسه الى مستوى لا تستحقه فذهب الى "مزاحمة الصحابة"والى ادعاء "صحبة معنوية" قال:

(ولنا أن نرى أنفسنا حاضرين بين الناس, يوم جمع عثمان رضي الله عنه المصحف، فلم يكن يومها تفسير لابن كثير أو للطبري أو غيرهم من المرتضين الأعلام, جزاهم الله عن الأمة كل خير بما أسلفوا.)

(فالله الله بيننا وبينكم, أن نقرأ كتاب الله كأنما نزل لتوه, وكأنما نأخذه غضا من فم المبلغ الأمين محمد عليه الصلاة والسلام, ولو كان ما يقولون ويفسرون حقا ملزما, كلازم الكتاب والحديث, فقد ابتدعوا على الله ورسوله الباطل.)

(ولو كان عبد يسمع هذه الآيات من فم النبي, ولم يكن يومها تفسير ولا تأويل, وكان يتلى يومها في الناس {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} , فبأي التفاسير نلزمه, وعلى أيها نحمله؟!.)

الرجل استكبر في نفسه فلم يعد يملأ عينه مسلم كائنا من كان .. ولكن تأخر زمنه يرغمه على قبول روايتهم وتبليغهم فكان ان هداه خياله الى الاستغناء عن هذا البلاغ ايضا متخيلا نفسه يأخذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة ... فاقتربت مقالته من مقالة الشيخ احمد التيجاني عندما يعلن:"حدثني سيد الوجود يقظة لا مناما".

وسنبين لهذا الرجل فى الحلقة القادمة أن تأسيس منهج فى التفسير على غير آثار السلف جهل ومحال لوكانوا يعقلون.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير