تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكان الذين في قلوبهم مرض و المنافقين أتكلوا على لفظ " أولي الضرر " و جعلوا أي مرض بسيط عارض غير مؤثر سببًا في عدم خروجهم للجهاد إتكالًا على هذا اللفظ ..

و لكانوا أثروا على المؤمنين الذين يريدون الجهاد .. و استشهدوا بتلك الآية الكريمة لتثبيط الهمم التي ألمها مرض بسيط .. لا يؤثر على على الجهاد في شئ .. و حتى لا يتأثر المجاهدين المؤمنين بذلك القول بإعتبار أنة رخصة ..

فكان يجب بيان معنى لفظ " أولى الضرر " و أنة لا يعني أي ضرر عارض يمر بالمؤمن و إنما هو أمر جوهري في بنية المؤمن كمثل أن يكون أعمى " كأبن مكتوم " أو غيرها من الأمور المؤثرة ..

فعندها لو جاء منافق أو نزغ الشيطان في قلوب المؤمنين بإيهامهم في حال مرض عارض بأن ذلك المرض يرخص له عدم الجهاد في سبيل إعتمادًا على الآية الكريمة " غير أولي الضرر " ..

عندها ينهر المؤمن شيطانه و يوبخ المحرض المنافق بأن الله سبحانه و تعالى قد بيّن من هم أولي الضرر حقًا .. و أن ذلك لا يكون إلا في الأمور القصوى التي يمتنع معها تمامًا الجهاد في سبيله .. مثل الأعمى " ابن مكتوم " رضي الله عنه.

و قد يقول قائل ..

و لماذا لا يبين الرسول الكريم صلى الله علية و سلم معنى تلك الآية و تلك اللفظة " غير أولي الضرر " وقت نزولها بدلًا من أن يتم ذلك .. ؟؟

ذلك لأن الحق تبارك و تعالى أراد أن يعلمنا أن ذلك الأمر هام جدًا حتى أنه أنزل به قرآنًا .. و أنه تشريع من لدن العزيز الحميد.

و ذلك أيضًا لأن الأمر – القتال - يتعلق بأمر من الأمور الحساسة جدًا في نفس كل انسان .. فكان يجب أن يكون البيان في تلك النقطة بالذات من الحق عزّ و جلّ الذي إليه تخضع القلوب أكثر من أي شئ ..

و قد يوسوس الشيطان في نفوس المؤمنين وقتها بأنه صلى الله علية و سلم يريد أن يشق عليهم .. فأحسب أنه عزّ و جلّ قدر أن يكون ذلك الحكم من لدنة وحدة حتى لا يكون للشيطان في نفوس المؤمنين حظ .. فقد كانوا يسئلونه صلى الله علية و سلم عن أقواله إن كانت أمرًا إلهيًا أم اجتهادًا بشريًا .. فقدر الحق تبارك و تعالى أن يبين هو ذلك بالذكر الحكيم أمام أعين الصحابه ليبين أن الأمر إلهيًا ..

و أنه إذا ما رفض الرسول صلى الله علية و سلم أن يقعد أحدهم بسبب مرض بسيط و قال أن ذلك المرض لا ينطبق عليه قوله سبحانه و تعالى " أولي الضرر " لعرف الصحابه أن الرسول صلى الله علية و سلم لا يشقُ عليهم .. و إنما هو أمرٌ إلهي بحت .. لا إجتهادي من لدن الرسول صلى الله علية و سلم.

و سأضرب مثلًا على ذلك بإذن الله سبحانه و تعالى ..

فلو كانت الآية قد نزلت كما هي في أول الأمر و لم يحدث الحوار الخاص ب" إبن متكتوم " رضي الله سبحانه و تعالى عنة .. و حدث أن اعتمد بعض الصحابة الذين ألمهم مرض عارض على تلك الآية كرخصة لعدم جهادهم تأثرًا بنزغ الشيطان و تحريض المنافقين ..

ثم جاء المصطفى صلى الله عليه و سلم و سأله " ما لك تقعد و لا تجاهد؟ " .. فيقول الرجل " سمعت قول الحق تبارك و تعالى " غير أولي الضرر " .. و أنا متعب ((مثلًا)) لأجل مرض ما ..

فيقول المصطفى صلى الله علية و سلم " لا مرضك هذا لا يجعلك من أولي الضرر و إنما أولي الضرر هم كذا و كذا .. " ..

فعندها سيطيعة الصحابي بإذن الله سبحانه و تعالى .. و لكن ربما يأتي الشيطان فينزغ في صدر المؤمن و يأتي المنافق فيقول " مال رسول الله صلى الله علية و سلم يشق عليك و الله سبحانه و تعالى قد أعطاك رخصة في القعود و قد ساواك – سبحانه و تعالى - بالمجاهدين في سبيله في حال قعودك " ..

....

فالخلاصة ..

أنه كان ذلك الأمر ليبين الله سبحانه و تعالى المعنيين من قوله سبحانه و تعالى .. " غير أولي الضرر " .. فلا يظن المؤمنين أن كل من قعد لأجل ضررٍ بسيط أصابه هو من نفس درجة المجاهدين .. فتثبط الهمم عن الجهاد .. و يلبس الشيطان على المؤمنين دينهم .. و يحرض المنافقون المؤمنين على القعود .. فيكون القاعد المتساوي مع المجاهد هو من نفس عين الضرر الذي أصاب " ابن مكتوم " رضي الله سبحانه و تعالى عنه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير