تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[25 Jul 2005, 12:45 ص]ـ

هذه بعض الإضافات الى الموضوع الذي أثاره الاستاذ أبو صلاح الدين لعل فيها ما ينفع:

رأي الدكتور عبد الصبور في امتداد السلسلة الآدمية إلى ما قبل آدم عليه السلام رأي باطل لا يتابع عليه ... استنادا إلى نصوص شرعية كثيرة ليس مكانها هنا .... ولو لم يكن في نظرية الشيخ عبد الصبور إلا تلبسها بالرجم بالغيب لكفاها لتطوى فلا تروى.

لكن التفرقة بين "البشر" و"الإنسان"من وجهة نظر بيانية لها تبرير قوي. إلا ان الدكتور عفا الله عنه نقل المقتضى البياني وحاول أن يبني عليه مقتضى علميا فكانت الانتكاسة ...

في سنة 1969 نشرت الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطيء دراسة سمتها "مقال في الإنسان: دراسة قرآنية"نشرتها دار المعارف بالقاهرة. وأعادت نشرها ضمن كتابها" القرآن وقضايا الإنسان"من منشورات دار العلم للملايين تحت يدي منها الطبعة الخامسة 1982.

وقد سطرت الكاتبة في أول مقالها هذه الجملة:

الإنسان في القرآن الكريم ,غير البشر.

فهل اطلع الدكتور على هذه الدراسة فأوحت له بالفكرة التي ستختمر بذهنه بعد سنوات ... ؟

لكن شتان بين المنهجين.

فبينا سارت المرأة على نحو استقرائي دقيق متلمسة الوجوه الصحيحة للغة ومستندة إلى ذوقها البلاغي المشهود .. إذ سار الرجل يتلمس الافتراضات ويحاول جاهدا أن ينصر فكرة مبيتة عنده ... وقد علم كل أناس أن شعار "اعتقد ثم استدل"من فعل الهوى وحده.

قالت:

(فاستقراء مواضع ورود "بشر"في القرآن كله ,يؤذن بأن البشرية فيه هي هذه الآدمية المادية التي تأكل الطعام وتمشي في الأسواق. وفيها يلتقي بنو آدم جميعا على وجه المماثلة التي هي أتم المشابهة. وبهذه الدلالة ورد لفظ "بشر " اسم جنس في خمسة وثلاثين موضعا من القرآن الكريم. منها خمسة وعشرون موضعا في بشرية الرسل والأنبياء. مع النص على المماثلة فيما هو من ظواهر البشرية وأعراضها المادية بينهم وبين سائر البشر.)

ثم مضت تستعرض شواهدها من سورة الأنبياء وأبراهيم وهود والكهف وغيرها. وكلها ناطقة بأن البشرية هي القاسم المشترك بين الآدميين ... ورفض الناس لرسالة المرسلين مبنية على هذا الأصل: أنتم بشر مثلنا فكيف أصبحتم أنبياء ورسلا. وعندما يحاول الكفار تعجيز رسلهم بطلبات متعنتة يخاطبهم رسلهم بهذه المثلية البشرية: "قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا".

لكن البشرية عند الكاتبة جزء من الآدمية ...

أما الكاتب فقد استهواه عكس القضية: فزعم أن الآدمية جزء من البشرية. فأثار عليه الزوابع.

ومضت بنت الشاطيء في تحليلها المعجمي الرصين فقررت بعد ذلك أن "الإنسان في القرآن الكريم غير الناس."

لا حاجة الى الإشارة أنها لا تقصد الاختلاف" في الوجود ".بل الاختلاف في "البيان".فالقرآن يستعمل "الناس " في سياقات مخصوصة لا يمكن أن يستعمل مكانها "إنسان".وقد أحصت في النص القرآني نحو مائتين وأربعين مرة بدلالة واضحة على اسم الجنس لهذه السلالة الآدمية أو هذا النوع من الكائنات في عمومه المطلق. ومنه نداءات القرآن:"ياأيها الناس .... "

و"الناس" بيانيا غير "الإنس"أيضا.فملحوظ في مادة "أ. ن.س"الدلالة على نقيض التوحش ومن ثم يقابل "الانس" دائما "الجن" بملحظ الاستئناس والألفة والظهور في الأول والتوحش والاستتار والخفاء في الثاني.

بقي "الانسان".ما دلالة الإنسان؟

تصل الباحثة بمنهجها الاستقرائي الصارم الى أن "الإنسان" هو مناط التكليف. فليس ملحوظا فيه العنصر الترابي والجسمي كما في كلمة بشر .... ولا السلالة والتناسل كما في كلمة"الناس" ولا الاستئناس والاجتماع والمدنية كما في "الإنس".الملحوظ فيه هو تحمل المسؤولية والتكليف بالأمانة وما يترتب على ذلك من ثواب وعقاب ومن فوز وخسارة. وبعبارة أخرى لفظ "الإنسان "أدخل في مجال الأخلاق.

وهكذا يتكلم القرآن الكريم عن "الانسان الذي يطغى"و "الإنسان ما أكفره" والانسان الذي خلق من نطفة أمشاج لكن بغاية الابتلاء. والانسان الخصيم والانسان الضعيف وغيرها من الصفات النفسية و الخلقية والعقلية.

الخلاصة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير