1ـ للعنوان دائما أهمية كبرى في معرفة مضمون أي أمر، بل هو أحيانا يلخص لك زبدة المكتوب ويدل على صاحبه، وكثير من الناس يقف مع المفردة وقفة تأمل، بل تعمل في نفسه طابعها فتحرك فكره ناحية معناها وتجعله أسيرها، فهلا كان هناك نظرة أخرى لما توحيه كلمة الانتصار من معنى، وهل نستمد قوتنا وانتصارنا نحن إلا من القرآن، فنحن أحوج مانكون لأن ننتصر به لا له، وإن كان هناك مؤلفات بهذه التسمية لعلماء كبار كالباقلاني رحمه الله، لكن يبقى في النفس من هذه التسمية.
2ـ أن لا يكتب فيه كاتب إلا باسمه الصريح مذيلا توقيعه بمستواه التعليمي ـ ولهذا الأمر غالبا ميزة في معرفة التعامل مع مكتوب صاحبها، حيث يستشف من ذلك غالبا توجهه الفكري أو مستواه العلمي ـ الذي على ضوئه يمكن التعامل معه، ومعرفة مقوله من منقوله.
وأن تبقى الكتابة فيه لثلة محصورة من أهل العلم والكفاية، أما أن يفتح الباب لكل من هب ودب، فهذا أمر علمت بدايته واستكرهت نهايته، لكن يبقى هناك من لهم أسماء مستعارة، وعندهم دراية بهذا الفن أو لديهم قدرة في التعامل مع بعض الأقلام، عندها يمكن للمشرف ومن له الأمر في السماح لمن وثق بعلمه ودرايته بالكتابة في تلكم الصفحات.
3ـ أن لايكون ملتقى حواري ومكبا لشبه القوم، بل صفحات يمسك بزمامها أصحاب كفاية وقدرة، يطرحون مالديهم ويبادلهم إخوانهم بمثل ذلك، وفي كل صفحة يطرح موضوع متجدد، إما لفكرة مطروحة في الحياة العلمية المحيطة، أو مناقشة كتاب من كتب القوم ...
وصدقوني أن هذا عمل جليل لايستطيع القيام به إلا ثلة قليلة، تحسن القراءة في كتبهم وتصطلي بنارهم، وتديم جوارهم، حتى تعرف لسانهم، وتنطلق في الرد عليهم بلسانهم ومن خلال كتبهم وعلمهم وفهمهم، كماهي طريقة فحول العلماء في كل فن، فلا يكفي أن يرمى المخالف بالضلال والكفر والزندقة لمخالفته نصوص الوحيين، بل لابد من رميهم بنبالهم، وتوثيقهم بحبالهم.
4ـ أن يستشار في هذا الشأن بعض علماء العقيدة والفكر المعاصر، ومن لهم دربة ودراية تامة متخصصة بهذا الفن ويستكتبون ويكون لهم حضور وتواجد ملموس.
5ـ ولو كان لبعضهم الإشراف على هذه الصفحات مع الشيخ د/ أحمد البريدي لكان حسنا.
6ـ يجب أن يعلم بأن هذا الفن من العلم أصبح نوع منه له أهله ممن تخصص وخصص وقته له، لاتساع الشقة وتكاثر الطغام وتفننهم، لهذا فهو أمر لايحسن بالمفسر جهله وعدم التصدي له، لكن لايلزمه التصدر له، وإنما يطلب منه المشاركة في مايحسنه، كأي علم من علوم كتاب الله، يهديك لهذا النظر للواقع، وسبر بعض الأقلام والكتب منذ زمن بعيد حتى يومنا هذا، تجد الكل يشارك بمالديه في هذا الميدان، من نحوي أو بلاغي أو فقيه أو محدث ... ، لكن تجده يكتب من الباب الذي أتقنه وأحسن تصدره، فهل ستدعون فيه كذلك إلى التخصص في التفسير، وتحجرون فيه الأمر على أهله، لا أظن سد هذا الباب يكتمل بأهل التفسير وحدهم، إللهم إلا في سد بعض الثغرات، التي هي من قبيل تخصص كل واحد منهم فيما يتقنه من علوم كتاب الله، أما أن تكون الدعوة لمثل ماذكر، فهذا أمر لابد أن تتظافر فيه كل الجهود والتخصصات.
7ـ أن يكون مشروعا موجها موحدا لاتشعب فيه ولا تشغيب، فلم تعد شرور تلك الشلة الفاشلة مجرد شبه يمكن نقاشها في بضع كلمات، بل أصبحت مشششششششششششاريع علمية تبنوها وأقاموا عليها كثيرا من أبحاثهم ودراساتهم، وهناك من يقوم الآن بتبني تلكم المشاريع والتنظير لها ومن ثم تطبيق فحواها على كلام الله، كقيام بعضهم بتفسير كتاب الله تفسيرا موضوعيا انطلاقا من أفكار فاسدة، ومعتقدات باطلة، فيحتاج الأمر للوقوف مع تلكم الأفكار التي قامت عليها هذه المشاريع، بعد حصر أصحابها وحصر كتبهم، ومناقشتها نقاشا عميقا.
8ـ إن كان ولابد فلتراجع كل المواضيع المطروحة في الملتقى، ولينظر في أيجابياتها وسلبياتها، ويحاول أن يستقى منها مايفيد في رسم خطة مثمرة، ولو اجتهد الإخوة الكرام في تأمل لتلكم المشاركات، ثم تلمسوا الثمرة التي جنيت لتبين لهم الكثير.
وختاما/ فلست مع هذه الفكرة كما أني لست ضدها، وأشعر أنها لم تنضج ولم تختمر حق التخمير، فلو تروي قليلا حتى تكتمل صورتها في الذهن وتؤخذ العدة اللازمة، وترسم لها خطى مدروسة، وتستدعى لها الكفاءات والأقلام الماهرة، اللهم إلا أن تكون هذه الصفحات ستقوم على غير ماتصورته في ذهني ولا أظن. وأنا أعلم أن قولي هذا ليس منصفا لعدم طرحي للبدائل، لكن للأسف ففاقد الشئ لايعطيه، ربما لظني السيئ بالمجادلة والمناظرة في صفحات الشبكة العنكبوتية، المتمخض عن مطالعة بعض مثل هذه الطروحات هنا وهناك.
وهذا لايعني أن تترك هذه الثغرة دون من يقوم عليها كلا، بل لقد دعوت في مقال لي سابق في هذا الملتقى أن يقوم أهل التفسير على سدها، وأن يكون هناك منهم من يتبناها ـ ليعش المفسر زمانه ـ لكن لم يخطر في ذهني وقتها أن تكون صفحات الانترنت ميدانها، إلا في بيان لبعض المواطن التي لابد منها.
وأجمل مافي خاطري: بأن التخصص أصعب طريقا، وأوحش مسلكا، لكنه أكثر إبداعا، وأحمد عاقبة. والتفنن أسهل دربا، وأجمل محضرا، لكنه أقل إبداعا، وأبخس عاقبة.
لا أضمن صواب كل ماكتبت، لكني أضمن سلامة ما أبطنت.
والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
¥