ومما جاء في مقدمتها: " إنه من الضروري أن نعرف القرآن معرفة دقيقة، إذا أردنا مكافحته ". ([18])
ثم أصبح نقد القرآن الكريم، فرعاً مستقلاً بذاته في الدراسات الاستشراقية ومنها: ([19])
1. " تاريخ النص القرآني "، إجناس جولدتسيهر ([20]) ( Ignaz Goldtziher )، عام: 1860م.
2. " مصادر الإسلام "، وليم موير ([21]) ( William Muir)، عام: 1901م.
3. " القرآن "، فلهاوزن ([22]) ( Vellhazen ) ( مقال بالمجلة الشرقية الألمانية)، عام: 1913م.
4. " مصادر تاريخ القرآن "، آرثر جيفري ([23]) ( Arthur Geoffrey).
ثم تتالت البحوث الاستشراقية، التي تلتها كتابات لمؤلفين من العرب، أخضعوا القرآن الكريم للمقاييس النقدية ذاتها التي تُحاكَم بها النصوص الأدبية للبشر.
وللرد على مايثيره المستشرقون ـ ومن سار على هُداهم من الكُتاب العرب ([24]) ـ من شبهات، ظهرت عشرات الدراسات والمؤلفات بجهود فردية لعلماء مسلمين أرادوا الانتصار للقرآن الكريم، والذب عنه. ([25])
وبعد تطور وسائل الاتصال، أضحى توصيل الأفكار إلى مختلف أصناف الناس في شتى أنحاء العالم متاحاً بيسر، في أسرع وقت وأقل جهد. انتشرت معه الطعونات حول القرآن الكريم على شاشات الفضائيات، وفي كثير من مواقع الإنترنت ومنتديات الحوار الديني. فصار لزاماً على المسلمين توحيد جهودهم وتنظيمها لرصد تلك الطعونات والرد عليها انتصاراً للقرآن الكريم.
[ line]
تعريف علم الانتصار للقرآن الكريم
- المقصود بالعلم: الفهم والإدراك للشيء على ما هو بِهِ. ([26])
- الانتصار: النصرُ: عَوْن المظلوم، والانتقام من الظالم. ([27]) ونَصَرَهُ: نجَّاهُ وخلَّصَهُ. ([28])
وانتصر الرجل: إذا امتنع من ظالمه .. ويكون الانتصار من الظالم: بالانتصاف منه. ([29])
- القرآن الكريم: كلام الله تعالى المُعْجِزُ، المُنَزَّلُ على النبي r ، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته. ([30])
ومن تلك التعريفات من الممكن استنباط التعريف التالي لعلم الانتصار للقرآن الكريم وهو:
" العلم الذي يبحث في فهم الشبهات المثارة حول القرآن الكريم، والانتصاف منها، بالحجة المؤيَّدة بالدليل الصحيح ".
شرح التعريف:
- فهم الشبهات: وهي الخطوة الأولى للانتصار للقرآن لكريم، ولابد منها عند الشروع في الإجابة عن أي شبهة، لهذا يُقال لمن أراد الإجابة عن استفهام أو دفع شبهة: " لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره، ويؤكد الجهل عليك. ولكن افهم عنه، فإذا فهمته فأجبه. ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم، فإن الجواب قبل الفهم حُمْق ". ([31])
- المثارة حول القرآن الكريم: أي أن الشبهات لا تطعن في صُلب القرآن الكريم؛ فقد ثبت بالاستقراء: أنه لا توجد شبهات حقيقية تطعن في كلام الله جل جلاله على الحقيقة، ولن ترقى أي شبهة لذلك؛ فالقرآن الكريم كلام الله جل جلاله، والكلام صفة المتكلم.
وبما أن الله جل جلاله متصف بصفات الكمال، منزه عن النقص والعيب .. فكلامه كذلك.
وتشمل تلك الشبهات، ما يثار من نقد حول:
1. مصدر القرآن الكريم الرباني.
2. سلامة النص الأصلي للقرآن الكريم من التحريف في مراحل جمعه وتدوينه، في مختلف العصور.
3. موضوعات القرآن الكريم: من حيث زعم وجود تناقضات بين الآيات، وأخطاء علمية وتاريخية ولغوية ..
4. أسلوب القرآن الكريم: كحروف فواتح السور، ووجود اللفظ المعرب والغريب، والنَّسخ ..
- الانتصاف منها: وهو الهدف الرئيس لهذا العلم، ويكون ذلك ببيان الحق والعدل، ولفت أنظار مثيري الشبهة ـ ومَن قلّدهم ـ إلى التوجيه الصحيح لمواضع الشبهات.
- الحجة المؤيدة بالدليل الصحيح: يكون الانتصاف للقرآن الكريم بدراسة نقدية علمية تبحث في أساس الشبهة، وتنقد منهجية البحث التي أدت إليها، نقداً علمياً منصفاً، ملتزماً بآداب الحوار، متصفةً بالموضوعية المبنية على الدليل الصحيح.
سواء كان الدليل شرعياً نقلياً قطعي الثبوت، قطعي الدلالة. أو عقلياً مؤيَّداً بأصول الشريعة العامة، ولا يخالفها.
محددات موضوع علم الانتصار للقرآن الكريم
يختص علم الانتصار للقرآن الكريم بالبحث في:
1. رصد وفهم وإدراك الشبهات المثارة حول القرآن الكريم.
¥